Loader
منذ 3 سنوات

السؤال عن بديل عن الذبائح في الهدي والفدية


الفتوى رقم (1569) من المذيع، يقول: شيخ عبد الله، في حلقة سبقت هذه الحلقة تفضلتم وبيَّنتم البديل عن الهدي والفدية؛ ذلكم أن كثيراً من إخواننا المسلمين يَستشْكِل كون الهدي من الذبائح فقط، ويطلب البديل نظراً لضيق الحال أو لأمورٍ وأمور، بيَّنتم جزءاً مما يجب للمسلم أن يعلمه تجاه هذا الموضوع، ونظراً لضيق وقت البرنامج اضطُرِرنا إلى قطع الحديث عن هذا الموضوع، على أمل أن تبدؤوا به مجدداً في هذا اللقاء، فجزاكم الله خيراً.

الجواب:

        نظراً إلى أن هذا الموضوع يرتبط بعضه ببعض، فإنني أستحسن إعادة ما سبق أن قلتُه في الحلقة الماضية، من أجل أن يكون المستمع لهذه الحلقة على علمٍ كامل من هذا الموضوع وذلك لأهميته.

        والجواب عن هذا السؤال هو:

أن البديل له أحوال:

        الحالة الأولى: أن يعجز الشخص عن هدي التمتع وهدي القِران لسببٍ من الأسباب؛ إما لعدم وجود الهدي، وإما لعدم وجود القيمة، وإما لعدمهما معاً؛ وحينئذٍ ينتقل إلى الصيام؛ لأن الله تعالى قال:"فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ"[1]، ذكر ذلك في سياق الكلام على وجوب الهدي؛ فيصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، فيُحرِم بالحج من اليوم السادس يصوم اليوم السادس والسابع والثامن من أجل أن يكون مُفطراً يوم عرفة. وإذا لم يتمكن من صيام هذه الأيام الثلاثة قبل يوم العيد، فإنه يصومها في أيام التشريق: اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر. ويصوم سبعة أيامٍ إذا رجع إلى أهله، وهذا الكلام بالنسبة لهدي التمتع والقِران وبيان البديل، ويجري -أيضاً- هذا على الفدية التي تكون من باب الجوابر.

        والمقصود من باب الجوابر -هنا- أن يترك الشخص شيئاً من واجبات الحج، فيحتاج إلى أن يُجبر بفدية، فمن ترك الإحرام من الميقات -مثلاً- ترك واجباً من واجبات الحج فعليه الفدية، ومن ترك المبيت بمنى، أو ترك رمي الجِمار، أو غير ذلك من واجبات الحج؛ فهذا يُقال عنه: إنه تجب عليه فدية، وتكون هذه الفدية جابرةً لما تركه من واجب ٍ، وإذا تعددت الواجبات تعددت الفدية، فيُقال في الفدية -هنا- كما يُقال في هدي التمتع والقِران من جهة أنه إذا عجز عن الفدية فإنه يصوم ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.

        ويدخل في هذا -أيضاً- الفدية التي تكون من باب الزجر، ويُقصد من ذلك ما كانت فديته من باب الزَّجرِ على الترتيب؛ كالفدية الواجبة بسبب مباشرة المعتمر أو الحاج لزوجته؛ سواءٌ كان ذلك قبل التحلل الأول، أو كان بعد التحلل الأول وقبل التحلل الثاني، فتجب عليه الفدية، وإذا عجز عنها، فإنه يصوم ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعةٍ إذا رجع إلى أهله، فتَلَخَّص من ذلك أن الصيام يكون بدلاً عن هدي التطوع والقِران وعن الفدية إذا كانت جابرة، وعن الفدية -أيضاً- إذا كانت من باب الزجر في الفدية المرتبة؛ يعني: يعجز عن الفدية ثم ينتقل إلى الصيام، وقد ذكرت شيئاً من الأمثلة لذلك؛ وكذلك يدخل فيه -أيضاً- ما يجب على المحصَرِ إذا أراد أن يتحلل من إحصاره فإنه يفدي، فإن لم يجد فإنه يصوم عشرة أيامٍ بنية التحلل؛ هذه هي الحالة الأولى.

        أما الحالة الثانية: فهو ما كنت فديته على التخيير، وهذا قسمٌ من قسمي الزواجر؛ كالفدية التي تجب على الإنسان بسبب تطيُّبِه، أو تغطيته لرأسه، أو لبسه للمَخِيط، أو حَلقِه لرأسه.

        فمثلاً: إذا حصل منه هذا الشيء، فهو مخيرٌ بين الفدية التي هي ذبيحة تُجزِئُ أضحية، وبين صيام ثلاثة أيام، وبين إطعام ستة مساكين؛ فالفدية -هنا- ليست متعيَّنة من ناحية الذبح.

        وكثيرٌ من الحجاج يظنون أن الذبح متعيّن هنا؛ ولكن الحقيقة أن الذبح ليس بمتعين؛ بل الشخص مخيرٌ بين الذبح وبين إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام، وهذا في جميع المحظورات التي فديتُها على التخيير. وأنا لم أستَقْصِها وإنما ذكرت جملة ًمن أمثلتها.

        وهناك حالة ثالثة: وهو جزاء الصيد، وهذا -في الحقيقة- يحتاج إلى تفصيل؛ ولكن نظراً لنُدرةِ وقوعه فإنني سأترك الكلام عليه اختصاراً، ونظراً إلى ضيق وقت البرنامج فأنا أتركه، ومن وقع منه شيءٌ فإنه يسأل عنه أوثق من يتمكن من الحصول عليه من أهل العلم. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (196) من سورة البقرة.