طلقها وأخذ أطفالها منها
- الطلاق
- 2021-07-12
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5838) من المرسلة ح.ن. ن.م، من شقراء، لها رسالة طويلة تشكو حال زوجها الذي طلقها وأخذ طفليها ابنها عمره اثنا عشرة سنة، وابنة أخرى أربع عشرة سنة، ويمتنع من إرسالهما إليها في العطل والإجازات، وتصف شوقها لطفليها وحالتها الصعبة لفراقهما، وترجو التوجيه منكم جزاكم الله خيراً.
الجواب:
يقول الله -تعالى-: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ"[1]، وجاء في الحديث القدسي: « يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ».
فالظلم حرام وهو قاعدة من القواعد المتقررة، ولا يختص هذا بجانبٍ من الجوانب، فمحرمٌ على الإنسان أن يظلم نفسه، ومحرم عليه أن يظلم ربه؛ كما قال -تعالى-: "إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ"[2]، ومحرمٌ عليه أن يظلم أي فرد من البشر، ومحرمٌ عليه أن يظلم زوجته، أو أن يظلم ولده، ولهذا عندما جاء رجل إلى الرسول ﷺ وقد نحل ولداً من أولاده نحلة فسأله الرسول ﷺ: هل نحل بقية أولاده كهذه النحلة؟؛ يعني: هل أعطى كلّ واحد منهم مثل ما أعطى هذا الولد؟ قال: لا. فنصحه الرسول ﷺ وقال: « اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم »؛ فالمقصود هو أن العدل مشروعٌ وأن الظلم محرمٌ.
وبناءً على ذلك فإن العلاقة بين الزوجين يجب أن يطبق فيها العدل، وأن تكون خاليةً من الظلم.
ومما يحسن التنبيه عليه في هذا المقام، ويكون من الأسباب التي تجعل المرأة تظلم زوجها أو ولدها، أو تجعل الرجل يظلم زوجته أو ولده؛ حصول الفرقة بين الزوجين، فعندما يكون الزوج هو السبب في الفرقة فإن بعض النساء تظلم أولادها، وتجعل ذلك انتقاماً من زوجها؛ فتحرمهم من عطفها، ومن الإحسان إليهم؛ وكذلك تحرمهم من تربيتها؛ وبخاصةٍ إذا كان من حقها أن تقوم بتربيتهم وذلك في سن الحضانة؛ لأن الحق لها في هذا السن، ولهذا إذا تزوجت انتقلت الحضانة إلى أمها؛ وكذلك إذا كانت الزوجة هي السبب فإن الأب يصرف نظره عن أولاده، فيعرض عن تربيتهم، وعن القيام بحقوقهم من النفقة والكِسوة. وبعضهم يسلك مسلكاً آخر فيمنع الأولاد من أمهم. ولا شك أن كلّ واحدٍ من الزوجين -سواء ٌكان في حال الزواج، أو كان بعد حصول الفرقة من الزواج- أن يفهم ماله وما عليه؛ وبخاصةٍ يما يخص الأولاد فلا يكون الولد هو الضحية فيتشتت ذهنه، وقد يترك الدراسة بسبب ما يجده من تشويشٍ من جهة أبيه ضد أمه، أو من جهة أمه ضد أبيه، وبالتالي يسلك مسلكاً منحرفاً في المجتمع، وينشأ أداة هدمٍ في المجتمع؛ فيضر نفسه، ويضر والديه، ويضر أسرته، ويضر المجتمع. وهذا بخلاف ما إذا قام كلّ واحد من الزوجين بحقه فيما يخص الولد استقام الولد، ومشى في دراسته وتفوق في دراسته، وصار عضواً صالحاً لنفسه ولوالديه ولأسرته ولمجتمعه.
فعلى كلّ واحدٍ من الزوجين حصلت الفرقة بينهما وبينهما أولاد أن ينتبها لذلك، ولا يجعلا الولد وسيلة من وسائل الانتقام من الآخر فإنها تعود بالضد. وبالله التوفيق.