العولمة التي تدعو إلى أن يكون الناس على مذهب واحد وتفكير واحد، هل فيها إلغاء للدين وإلغاء للضروريات الخمس التي جاءت بها الشرائع؟
- فتاوى
- 2022-03-07
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (12056) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: مع تنادي مجموعة من القضايا في هذا العصر ومنها العولمة التي تدعو إلى أن يكون الناس على مذهب واحد وتفكير واحد، هل فيها إلغاء للدين وإلغاء للضروريات الخمس التي جاءت بها الشرائع؟
الجواب:
يقول الله -جل وعلا-: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[1] وفرق بين سعي الخلق وهذا السعي يكون منشئًا لأحكام جديدة، أو مغيّراً لأحكام ثابتة من هذه الشريعة بزيادة أو نقص لا شك أن هذا شرك؛ يعني: إن الشخص الذي يعمل هذا يكون مشركاً مع الله في تشريعه.
ومن المعلوم أن الله -سبحانه وتعالى- هو الذي يملك التشريع لخلقه ولهذا يقول -جل وعلا-: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ}[2] إلى آخر الآية.
وبناء على ذلك فلا يجوز لأحد أن ينشئ أحكامًا زائدة، أو مغايرة لها من ناحية النقص، أو ملغياً لشيء منها؛ لأن كثيراً من الناس الذين يتكلمون في أمور الشريعة إما أن يكونوا جُهالاً وجهلهم ليس ببسيط جهلهم جهل مركب؛ لأن الجهل المركب صاحبه لا يدري ولا يدري أنه لا يدري، فيصدر أحكامًا بالنفي أو بالإثبات مع أنه جاهل لهذا الأمر الذي يحكم عليه بنفي أو بإثبات.
أو أن الشخص يكون صاحب هوى، والهوى هذا قد يكون من أجل الإضرار بالمسلمين. وبناء على ذلك فإن كل شخص يتكلم في أمور الشريعة لابد أن تُعلم بنيته الأصلية، فإذا كانت بنيته الأصلية بنية شرعية كافية النظر للوسيلة وبالنظر للمقصد فإنه لا مانع من الدخول معه في مناقشة ما يصدر عنه.
أما إذا كان الشخص جاهلاً في هذه الشريعة أو كان صاحب هوى فإن هذا رضي بسلوك بطريق الجهل من جهة أو الهوى من جهة أخرى؛ ولهذا يُصرف النظر عنه ولا يُعتد بأي شيء يأتي به؛ لأن الأمانة مفقودة منه من جهة، والعلم مفقود من جهة أخرى، فهو ليس بعالم وليس بأمين فكيف يعتد بقوله بأمور الشريعة؟ وهذا ليس بغريب فإن النبي ﷺ قال: « يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، قالوا: أمن قلة يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، تُنزع المهابة من قلوب عدوكم ويوضع الوهن في قلوبكم، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهة الموت ». وثبت في موطأ مالك -رحمه الله- أثر نصه عن بعض الصحابة: (إنكم في زمان كثير فقهاؤه قليل قرّاؤه، كثير من يعطي، قليل من يسأل، تُحفظ فيه حدود القرآن وتُضيع حروفه، يُطيلون الصلاة ويقصرون الخطبة، تسبق عقولهم أهواءهم. وسيأتي زمانٌ كثير قراؤه قليل فقهاؤه، كثير من يسأل قليل من يعطي، تُحفظ فيه حروف القرآن وتضيع حدوده، يطيلون الخطبة ويقصرون الصلاة، تسبق أهواؤهم عقولهم). هذه الصفات العشر التي ذكرها هذا الصحابي موجودة في زماننا هذا. وبالله التوفيق.