Loader
منذ سنتين

مسلمون يعيشون في بلد علماني كافر، ينتسبون إلى حزب علماني في الظاهر خشية التضييق عليهم


الفتوى رقم (9051) من المرسل أ. ع، يقول: نحن مسلمون نعيش في بلد يحكمه حزب علماني كافر، هذا الحزب له أفكار تخالف الدين الإسلامي، ولكننا مضطرون إلى الانتساب لهذا الحزب من أجل عدم التضييق علينا في ديننا الإسلامي وسير أعمالنا في الحياة، وهذا أمرٌ يسيرٌ من العراقيل التي توضع أمامنا إذا لم ننتسب لهذا الحزب، هل يجوز لنا الانتساب له في الظاهر من أجل تجنب الشرور التي ربما تقع علينا؟

الجواب:

        من المعلوم أن ما يسمى بالعلمانية، وكذلك ما يسمى الآن بالديمقراطية الآن، هذه الألفاظ البراقة، الهدف منها هو تذويب شخصية الإسلام في العالم بحيث أنه لا يبق على وجه الأرض مسلم، وهذا داخلٌ في عموم قوله ﷺ: « يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها، قالوا: أمن قلةٍ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاءٌ كغثاء السيل، تنزع المهابة من قلوب عدوكم ويُجعل في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن؟ قال: حب الحياة وكراهة الموت »[1]، فإذا نظرنا إلى عدد المسلمين على وجه الأرض وجدناهم كثير، لكن حقيقة الشخص يكون مسلماً هذا قليلٌ جداً، هذا من جهة، ومن جهةٍ ثانية الذين يعلنون الكفر، ويريدون أن يحولوا المسلمين باسم الديمقراطية، وباسم الحرية، وباسم عدم التمييز بين المرأة وبين الرجل، هذا من جهة أصل الموضوع.

        أما بالنظر إلى ذات السؤال، فالسؤال راجعٌ إلى قاعدة من قواعد الشريعة، هذه القاعدة هي: الموازنة بين المصالح والمفاسد، ولها ثلاث حالات:

        الحالة الأولى: أن تكون مصلحة محضة، أو مصلحة راجحة على المفسدة، فإذا كان مصلحة محضة أو مصلحة راجحة فلا مانع من الإقدام، وإذا كانت مفسدة راجحة أو كانت مفسدة محضة أو كانت مفسدة مساوية للمصلحة، فهذه الأمور يجب على الشخص أن يتجنبها، أما إذا كانت المفسدة محضة أو راجحة فالأمر في هذا ظاهر؛ لعموم قوله تعال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}[2]، فالله -جل وعلا- حرم الخمر مع وجود نفعٍ فيه، لكن مفسدته أرجح من مصلحته وإذا كانت المفسدة أرجح من المصلحة، فهذا حكمٌ على المصلحة بأنها معدومة؛ يعني: معدومةٌ حكماً، موجودة لكنها معدومة حكماً، وإذا تساوت المصلحة والمفسدة فهذا هو الذي يقال عنه: درء المفاسد مقدمٌ على جلب المصالح، وإذا تساوى مصلحتان اختار منهما ما يشاء، وإذا تساوى مفسدتان ولا بد من ارتكاب إحدى المفسدتين، فهو مخيرٌ بارتكاب أيهما إذا تعذر عليه التجنب، وبالله التوفيق.



[1] أخرجه أحمد في مسنده(37/82)، رقم(22397)، وأبو داود في الفتن والملاحم، باب في تداعي الأمم على الإسلام(4/111)، رقم(4297).

[2] من الآية (219) من سورة البقرة.