حكم طاعة الأبناء لوالدهم فيما يخص زوجته الثانية وكون هذا الأمر يغضب أمهم
- فتاوى
- 2021-09-20
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1605) من المرسلة السابقة، تقول: أبي متزوج بغير أمي، ويعيش معها دائماً، ولا يأتي إلينا إلا كزيارة الأقرباء، فهو يأتي كلّ يومٍ العصر ويجلس ثلاث ساعات أو أكثر أو أقل -فقط-، ويقوم بكلّ ما ينُوبُنا من مصاريف من مسكن، و مأكل، و كسوة؛ ولكنه لا يسكن معنا، فهل ذلك يؤثّر على حقه علينا أم لا؛ خصوصاً أنه -دائماً- يطلب منا أن نحترمه، وأن نصنع أشياء لزوجته الأخرى، فنمتنع عن ذلك؛ مثل: تقبيل رأسها، أو احترامها مثل احترام أمي، ويطلب منا أن نفعل أشياء تُغضب أمي، فهل نُطيعه أم لا؟ ونحن نقول: إن الأمر إذا كان مَنوطاً به -فقط- فسوف نُطيعه؛ أما إذا كان من أجل زوجته الأخرى فلا، أفيدونا جزاكم الله عنا وعن المسلمين كلّ خير، وانصحونا بما يفيدنا بخصوص هذا الموضوع.
الجواب:
أولاً: إن الأم لها حق أعظم من حق الأب؛ فإن الرسول ﷺ جاءه رجل فسأله قال: من أولى الناس بحُسن صُحبتي؟ قال: « أمك »، قال ثم من؟ قال: « أمك »، قال: ثم من؟ قال: « أمك »، قال: ثم من؟ قال: « أبوك »، فذكر الأم ثلاث مرات من ناحية العناية بحقها، وذكر الأب في المرة الرابعة؛ فهذا دليل على عِظَمِ حقِّ الأم.
ثانياً: إن الأب له حقٌّ من جهة طاعته؛ ولكن طاعته مقرونة بما يتفق مع أدلة الشريعة، فقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: « لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق »، فإذا كان الوالد يأمركم بمعصية؛ سواءٌ كانت هذه المعصية تتعلَّق بعقوق أمِّكم، أو تتعلق بزوجته، أو تتعلَّق به هو؛ فلا تجوز طاعته في ذلك.
ثالثاً: بالنسبة لزوجة أبيكم بالإمكان أنكم تتعاملون معها تعاملاً لا يؤثّر عليكم؛ ولكن يكون فيه برٌ بأبيكم من جهة، ولا يُغضِب أمَّكم من جهة ٍأخرى، ويُرضي زوجة والدكم، وأنتم تؤجرون على هذا العمل، وتتوثَّق الروابط الأسرية بينكم وبين أمِّكم، وبين أبيكم، وبين زوجة أبيكم.
رابعاً: إن كلّ شيءٍ خرج عن سنن العدل لا بالنسبة لزوجة أبيكم، ولا بالنسبة لأمكم، ولا بالنسبة لأبيكم؛ كلُّ شيءٍ خرج عن سنن العدل؛ فإن هذا من التعسُّف؛ سواءٌ صَدَرَ منكم، أو صدر من أبيكم، أو صدر من أمِّكم، أو صدر من زوجة أبيكم.
خامساً: إن بعض الأشخاص ممن يتزوج والدهم تكون عندهم عُقدة نفسية من ناحية الزوجة الثانية، فيعاملونها معاملة سيئة ناتجة عن هذه العُقدة النفسية؛ فعليهم أن يتقوا الله في هذا الأمر، وألا يخرجوا عن الطريق المستقيم.
سادساً: بالنسبة لوالدكم من جهة كونه لا يأتيكم إلا العصر، يعني: بحدود ساعتين أو ثلاث ساعات، فهذا يَرجِع إليه وإلى زوجته الأولى أمّكم، وينبغي أن يتفاهم معه، وألا يتعسف في شيءٍ يترتّب عليه إثم، فإن المرأةَ له حقوق وعليها حقوق، والزوج له حقوق وعليه حقوق، والله بيَّن ذلك في قوله تعالى:"وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ"[1]، وقال تعالى:"الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ"[2]؛ فالرجل مُفضَّل على المرأة من جهة كونه قوَّاماً عليها، ومن جهة كون عُصمة النكاح في يده؛ ولكن هذا لا يعني أن يستخدم التعسف ويكون ظالماً لنفسه ولزوجته ولأبنائه، والقاعدة العامة في هذا الباب أن يتقي الله ما استطاع؛ لأن بعض النساء قد تعامل زوجها في أول نشأتِها معه معاملةً سيئة، و يبقى هذا في نفسه فتَصعُب عليه معاملتها معاملة حسنة؛ ً كمعاملته للمرأة التي لم يحصل منها شيءٌ من ذلك؛ فالمقصود أنه ينبغي أن يسود هذه العلاقة الأسرية الحب والوئام، والتفاهم، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر. وبالله التوفيق.