Loader
منذ سنتين

ما المراد بأحكام القرآن؟


الفتوى رقم (10305) من المرسل السابق، يقول: ما المراد بأحكام القرآن؟

الجواب:

        الله -سبحانه وتعالى- قال في سورة المائدة {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[1]. والقرآن شريعة للناس إلى أن تقوم الساعة، وهو شريعة للناس جميعاً وكثير من آيات القرآن وكثير من الأحاديث تقرر مبدأ عموم الشريعة من جهة من يدخل تحتها من الجنّ والإنس، وأنه لا يسع أحدٌ من المكلفين على وجه الأرض من الجن أو الإنس لا يسعهم الخروج عنها، وبما أنها عامةٌ لهم من هذا الوجه فهي شاملةٌ لجميع ما يحتاجون إليه في أمور دينهم وفي أمور آخرتهم؛ ولكن الشأن هو تعلم ذلك على الوجه الصحيح؛ ذلك أن القرآن وكذلك السنة إذا نظرنا إلى الأدلة وجدنا أن هذه الأدلة تضع قواعد عامة، فمثلاً قوله -جل وعلا-: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[2] وقول الله -جل وعلا-: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[3]، ومثل: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[4]، {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[5]؛ فتجد أن الله -جل وعلا- ربط الأحكام بالأسباب، وأن هذه الأسباب أسباب عامة؛ بمعنى: أنه كلما وجد هذا السبب على الوجه الشرعي فإنه يجب ترتيب الحكم عليه، ولم يعلِّق الأحكام بالأشخاص؛ وإنما علقها بهذه الصفات.

        وبناءً على ذلك: فإن إدراك المعاني التي أرادها الله -جل وعلا- من الألفاظ؛ وكذلك إدراك المعاني التي أرادها الرسول ﷺ يحتاج إلى معرفة الوسائل المؤدية إلى هذه المعرفة، وسواء كانت هذه الوسائل خاصة، أو كانت هذه الوسائل مشتركة بين القرآن وبين السنة، فالقرآن يبيّن بعضه بعضاً، والسنة يبيّن بعضها بعضاً، والسنة لها علاقة بالقرآن من جهة أنها تكون مؤكدة وتكون مبينة وتشتمل على زيادة؛ لكن هذه الزيادة جاء الأمر بامتثالها في الأدلة التي جاءت دالة على وجوب طاعة الرسول ﷺ؛ كما في قوله -جل وعلا-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}[6]. والقرآن نزل بلغة العرب، والرسول عربي ويتكلم بلغة العرب. وبناءً على ذلك فإن علم اللغة يُعتبر من الأمور المشتركة من جهة وضعها، ومن جهة فقهها، وتصريفها، واشتقاقها؛ وكذلك من ناحية النحو، ومن ناحية البلاغة كل هذه أمور مساعدة تعتبر وسائل من أجل فهم القرآن؛ وكذلك قواعد كتب علوم القرآن، وكذلك كتب علوم الحديث، وكتب علوم القرآن هذه خاصة بالقرآن، وكتب علوم الحديث هذه خاصة بالحديث؛ وكذلك معرفة مقاصد الشريعة؛ إلى غير ذلك من العلوم التي يحتاج إليها الإنسان وذلك من أجل فهم ما أراده الله من القرآن وما أراده الرسول ﷺ. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (3) من سورة المائدة.

[2] من الآية (286) من سورة البقرة.

[3] من الآية (164) من سورة الأنعام.

[4] من الآية (38) من سورة المائدة.

[5] من الآية (2) من سورة النور.

[6] من الآية (7) من سورة الحشر.