Loader
منذ 3 سنوات

حكم دفع بدل الخلو أو بدل نقل القدم


الفتوى رقم (714) من المرسل السابق، يقول: رجل أخلى دكانه لآخر؛ بشرط أن يدفع له خلو رجل؛ أي: مبلغاً من المال، فهل هذا جائز؟

الجواب:

هذه المسألة تسمّى في بعض الجهات بنقل القدم، وفي بعض الجهات تسمّى كما جاء في السؤال، والتسمية ليس لها أثر في الحكم؛ وإنما العبرة بالمقصود، فهذه المسألة لها أحوال:

الحالة الأولى: أن يكون المستأجر الأول قد بقي له مدة يكون لها أثر في الإيجار، كأن يستأجر دكاناً خمس سنوات، ويستغله سنة، وتبقى له أربع سنوات، فينتقل عن هذا الدكان ويؤجره على شخص آخر ما بقي له من المدة، ولا علاقة بين مقدار الإيجار الأول والإيجار الثاني؛ يعني: سواء الإيجار الثاني أكثر من الأول أو مساوٍ أو أقل، فهذه الحالة جائزة؛ لأن العوض وهو النقود، والمعوض هو المنفعة التي يتحصل عليها المستأجر.

الحالة الثانية: أن يكون الشخص قد أخذ المحل في مواضع الحكورات أو الصبْرة، ويأتي شخص على أساس أنه يحل محل الذي قبله، ويشتري حقوقه من هذا الحكر؛ سواء كان دكاناً أو بيتاً، ويكون بقي له مدة لها أثر في الثمن؛ فهذا -أيضاً- ليس فيه شيء.

الحالة الثالثة: أن يستأجر الشخص محلاً من الدولة، والدولة جرت عادتها أنها تؤجر إيجاراً معقولاً من جهة البداية، وأنها لا تخرج المستأجر. والمستأجر كلّ سنة يعقد مع الدولة عقداً جديداً للإيجار، وفي هذه الحال يأتي شخص إلى صاحب هذا المحل، وقد بقي له شهر أو نصف شهر، ويقول له: إنه يريد أن يشتري المحل نقل قدم، والمحل مافيه تجارة، فيتفق معه ويدفع له أضعاف أجرته، فإذا استأجره بـ 5000 بالسنة يدفع له 200 ألف ليحل محله.

وإذا نظرنا للعقد على هذا الوصف وجدنا أن المستأجر بـ 5000 لا يملك من المحل إلا ما بقي له من المدة، وما بقي من المدة لا يمكن أن يتساوى مع المبلغ الذي دُفع؛ فيكون هذا الشخص الذي أخذ النقود مقابل الخلو، أخذها بغير حق؛ لأنه لم يدفع للمستأجر مقابلها، فبعد ما تنتهي السنة يذهب هذا الشخص ويعقد مع الدولة عقداً جديداً، فالمستأجر الأول لا يملك المدة المستقبلة حتى يأخذ عنها عوضاً.

ومما يحسن التنبيه إليه أن هذه الإجراءات التي تجري بين المؤجرين والمستأجرين، لا تعلم عنها الجهات المعنية في هذا العقار، ولو علمت بذلك لما أباحت ومنعت هذا التصرف؛ لأنها قصدت من التأجير الإرفاق بالأشخاص الذين يعولون عوائل: قصدت الإحسان إليهم والإرفاق بهم؛ لكيلا يرهقوا بكثرة الإيجار، وهذا العمل كما أنه مخالف للناحية الشرعية، فهو مخالف -أيضاً- لمقصود مالك الأصل، ومخالف لأنظمة الدولة التي يعيش فيها الشخص.

الحالة الرابعة: أن الشخص الذي يشتري نقل القدم، قد يشتريه من شخص لم يستأجر من الدولة؛ بل يكون قد استأجر من شخص عادي؛ ولكن جرت عادة هذا الشخص العادي ألّا يزيد على المستأجرين إلا نسبة قليلة، وجرت عادته -أيضاً- أنه لا يخرج أحد من المستأجرين إلا إذا خرج من نفسه. وعلى كلّ تقدير فإن هذه الحالة تشبه الحالة الثالثة إلا أن الفرق أنه في الحالة الثالثة الجهة التي تملك المحل المؤجّر جهة حكومية؛ يعني: شخصية اعتبارية. والجهة التي تملك المحل المستأجر في الحالة الرابعة شخصية حقيقية، وهذا ليس له تفريق من ناحية الحكم من حيث الأصل.

وعلى هذا الأساس على السائل أن ينظر في العقد الذي يريد أن يجريه ويطبقه على الحالة التي تناسبه من هذه الحالات الأربع جوازاً ومنعاً. وبالله التوفيق.