حكم الصلاة خلف الإمام الذي له طريقة من الطرق الصوفية
- الصلاة
- 2021-09-23
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1724) من المرسل م. أ.ح. أ من السودان-كسلا، يقول: هل يجوز أن أصلي وراء إمام له طريقة من الطرق الصوفية، وهو يعتقد أنها طريقة الرسول ﷺ ، ونحن نذهب للنصيحة ونصيحة هذه الجماعة؟
الجواب:
إن هذا الإمام لا بدّ من معرفة الطريقة التي يسير عليها في صلاته، والسائل لم يصف طريقته؛ وإنما أتى بكلمةٍ مجملة، وهو أن هذا الشخص يسير على الطريقة الصوفية، ويدّعي أنها طريقة الرسول ﷺ ، وبما أن السائل لم يذكر الصفة التي يسير عليها هذا الشخص، فإن الجواب يكون في الأمور الآتية:
الأمر الأول: إن على هذا الشخص الذي يريد أن يُنكر على الإمام عليه أن يكون عالماً بصفة صلاة الرسول ﷺ ؛ لأنه إذا لم يكن عالماً بها؛ فإنه لا يستطيع أن يُنكر على من خالفها؛ لأنه لا يفرّق بين المعروف وبين المنكر. وإذا أراد أن يعرف صفة صلاة الرسول ﷺ فبإمكانه الرجوع إلى كتاب -زاد المعاد في هدي خير العباد- للإمام ابن القيم ‘، فقد ذكر هدي الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- في عباداته، وفي عاداته، وفي معاملاته؛ فإذا تحقق من صفة صلاة الرسول ﷺ أخذاً من هذا الكتاب، بإمكانه بعد ذلك أن ينتقل إلى الأمر الثاني.
والأمر الثاني هو أنه: ينظر في أعمال هذا الرجل في صلاته، فإذا كانت مطابقةً لهدي الرسول ﷺ ، فلا يجوز له أن ينكر عليه، وإذا وجد شيئاً منها مخالفاً لهدي الرسول ﷺ ، فإنه يحدده سواءٌ كان من جهة الأقوال أو كان من جهة الأفعال، أو كان من جهة الزيادة، أو كان من جهة النقص؛ فأما من جهة الأفعال كأن يزيد في صلاته أو أن ينقص منها؛ وكذلك في الأقوال. أو -مثلاً- يدّعي هيئةً من هيئات الصلاة: يدّعي أن الرسول ﷺ كان يفعلها. وعلى سبيل المثال: إذا سلّم الإمام من الصلاة، فإنه يدعو دعاءً جماعياً هو والمأمومون، ويدّعي أن الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- أمر بهذا الشيء، أو أنه فعله!
فالمقصود: أنه لا بدّ من تحديد محل المخالفة مّما يقوله هذا الرجل، وما يفعله عند ابتداء صلاته، وفي أثناء صلاته، وبعد الانتهاء منها؛ مما يدّعي أنه متعلقٌ بالصلاة؛ وإذا حدّد محل المخالفة بإمكانه أن ينكر عليه.
الأمر الثالث: إن الشخص عندما يريد أن يغيّر منكراً بوجهٍ عام، فلا بدّ أن يكون عالماً بما يأمر به، عالماً بما ينهى عنه، ولا بدّ -أيضاً- أن يكون رفيقاً فيما يأمر به، ورفيقاً فيما ينهى عنه، فإن كثيراً من الناس الذين يسعون إلى تغيير المنكر، قد يغيّرون المنكر بمنكرٍ أعظم منه، وذلك أنهم يتخذون وسائل لتغيير المنكر تؤدي إلى منكرٍ أعظم، والمفروض أن الشخص إذا أراد أن يغيّر المنكر فلابد أن يتنبه إلى النتائج التي تنتج عن هذا التغيير؛ فإذا كان المنكر سيزول نهائياً ولكن لا يزول إلى بديلٍ أكبر منه، ولا إلى بديلٍ مساوٍ؛ لكنه يزول نهائياً ولا يحل محله ما هو أكبر منه، ولا ما هو مساوٍ له؛ فحينئذٍ لا مانع من تغييره؛ لكن إذا كان هذا المنكر سيزول نهائياً، ولكن ينتج عن ذلك منكرٌ أعظم، أو منكرٌ مساوٍ؛ فحينئذٍ لا تكون هذه الطريقة مشروعة، ويتمشى مع قوله ﷺ: « من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه ».وعلى قوله تعالى:"ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"[1].
أما الذين يتخبطون في الحلال والحرام، فقد يحلّلون الحرام، ويحرّمون الحلال؛ بحجة أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فهؤلاء ينبغي لهم أن يتنبهوا لأنفسهم، وألا يدخلوا إلا في الأمور التي يشرع لهم أن يدخلوها، وعليهم أن يتقوا الله في ذلك. وبالله التوفيق.