ما معنى قول الله -تعالى- لفرعون: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ}؟
- التفسير
- 2022-01-28
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (9558) من المرسل السابق، يقول: ما معنى قول الله -تعالى- لفرعون: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ}[1]؟
الجواب:
الله -سبحانه وتعالى- جعل سنناً شرعية وسنناً كونية. وهذه السنن منها ما هو محل تشريع للأمة أمراً أو نهياً، ومن هذه الآيات الآيات الكونية، والآيات الكونية هذه هي محل اعتبار.
ومن وجوه الاعتبار تنبيه الناس على مآل من يخالف أمر الله -جلّ وعلا-؛ بمعنى: إنه يعصيه في باب الأمر، أو يعصيه في باب النهي، فعصيانه له في باب الأمر يترك ما أوجب الله عليه، وفي باب النهي يفعل ما حرم الله عليه، وفرعون مكث أربعمائة وخمسين سنة يقول لأهل مصر: أنا ربكم الأعلى، ما علمت لكم من إلهٍ غيري. وقد قص الله أمره في القرآن في عدة من المواضع؛ ولكن لما تبيّن أن هذا الشخص مستمرٌ في طغيانه، فإن الله -سبحانه وتعالى- عاقبه بالغرق، فروحه ذهبت إلى النار، وجسمه طفح على الماء، وذلك من أجل أن يكون عظة وعبرة لمن كان في وقته من جهة، ولمن بلغته هذه الآية من هذه الأمة من جهةٍ أخرى، فإن الله -سبحانه وتعالى- ليس بينه وبين خلقه نسب، فالعلاقة التي بين العبد وبين الله -جلّ وعلا- هي حقٌ لله من جهة، وحق تفضلٍ من الله -جلّ وعلا- لعبده.
فأما بالنظر للحق الذي لله فكما قال -جلّ وعلا-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[2]، وحق العباد على الله إذا امتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه أن يتفضل عليهم بالثواب، ولهذا كان من وصية الرسول ﷺ لعبد الله بن عباس م أنه قال له: « احفظ الله يحفظك » فحفظ العبد لله -جلّ وعلا- هو امتثال أوامره واجتناب نواهيه، ولا فرق في هذه الأوامر والنواهي جاءت في القرآن، أو جاءت في السنة؛ لقوله -تعالى-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[3].
فبمجرد ما يفعل الأوامر ويترك النواهي يبتغي بذلك وجه الله ويخشى عقابه يكون بذلك قد حفظ الله -جلّ وعلا-، ثم بعد ذلك يأتي حفظ الله للعبد، وحفظ الله للعبد حفظٌ في الدنيا، وحفظٌ عند الموت، وحفظٌ في القبر، وحفظٌ في جميع مواقف القيامة حتى يدخله الله الجنة. وبالله التوفيق.