حكم عمل المرأة مع الرجال
- فتاوى
- 2021-09-23
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1731) من المرسل السابق، يقول: ما حكم الإسلام في عمل المرأة مع الرجال؛ وخاصة في المستشفيات؟
الجواب:
الله سبحانه وتعالى خلق الرجال وخلق النساء، وجعل في الرجال وظائف كونية هيأهم بها إلى الوظائف الشرعية التي تناط بهم بعد وصولهم إلى تحمّل المسؤولية. وخلق النساء وهيأهنّ تهيئة كونية لتحمّل ما أضافه إليهن من مسؤوليات شرعية، وإذا حصل في المجتمع خلط بين الأمرين؛ بمعنى: إن المرأة تُخرج من مسؤوليتها الشرعية التي أضافها الله إليها، وتُجرّد من مسؤوليتها الشرعية، وتناط بها مسؤولية الرجل. ونفس الرجل يُجرّد من بعض مسؤولياته الشرعية، وتضاف إليه مسؤوليات المرأة؛ فالمجتمع الذي تتساوى فيه المرأة مع الرجل، وتسير معه جنباً إلى جنب؛ تكون هذه المرأة قد فقدت خصائصها الشرعية، واستبدلتها ببعض الخصائص الشرعية التي تكون للرجال، وقلّت مسؤوليات بعض الرجال، وقد ينضاف إليهم شيء من مسؤوليات النساء، وبهذه الطريقة يحصل خلل في المجتمع من ناحية أن وظائف المرأة الشرعية التي أضافها الله إليها؛ كالقيام بمسؤولية تربية الأولاد، ومسؤولية البيت، ومسؤولية القيام بحقوق زوجها إلى غير ذلك من المسؤوليات التي جاءت في القرآن وجاءت في السنة، فتكون قد تخلّت من هذه الخصائص، وبالتالي يحصل في هذا المجتمع من الخلل ما لا يكاد يُحصى، والبلاد التي تتمتع بحمد الله -جل وعلا- بتطبيق الشريعة الإسلامية هي لا تحرم المرأة حرمانا ًكاملاً، ولا تعطيها حقوق الرجل؛ ولكنها تعطيها من الحقوق مالا يتعارض مع خصائصها الشرعية التي أضيفت إليها، ولا تجعلها مبتذلة مع الرجال كواحد منهم؛ بحيث إنه يحصل امتهان لها في أخلاقها أيضاً؛ فحينئذ تكون هذه المرأة قامت ببعض المسؤوليات؛ مثل: التعليم، تقوم المرأة بدور المعلمة للبنات في شتى المراحل، أو تقوم كعاملة إدارية في مدرسة من المدارس؛ يعني: امرأة تشتغل في حقل النساء وتخدم النساء؛ أما في المجتمعات الأخرى الرجل هو الذي يدرّس النساء، والمرأة هي التي تدرّس الرجال، والرجل يزاول عمل المرأة، والمرأة تزاول عمل الرجل؛ بهذه الطريقة لا يكون المجتمع محافظاً، وهذا بخلاف طريقة البلاد التي تحافظ على دينها، وعلى أخلاق أمتها، فإذا كانت المرأة بالنظر إلى السؤال المسؤول عنه، إذا كانت المرأة تشتغل في المستشفى، وتعالج النساء تشتغل وتعالج النساء؛ يعني: تشتغل فيما يخص النساء، تباشر النساء في العلاج، وفي الكشف، وما إلى ذلك؛ فليس في ذلك شيء؛ أما إذا كانت تجلس وتكشف على الرجال، وتعالج الرجال، فهذا لا يجوز؛ لأن الرجال المفروض أنه يكشف عليهم رجال، والنساء يكشف عليهنّ النساء، وقد يكون هناك أحوال نادرة جداُ؛ ولكن ليس هذا محل الكلام على هذه المسائل النادرة.
نستخلص من الكلام الذي سبق: الأصل أن المرأة تسير على سنن الله الكونية، وعلى سننه الشرعية المحددة لها، وإذا اشتغلت تشتغل مع بنات جنسها؛ يعني: تخدم بنات جنسها. وإن الرجال يسيرون على سنن الله الكونية، وعلى سننه الشرعية التي بيّنها لهم، ولا يحصل هناك اختلاط بين الرجال والنساء، ولا تخدم النساء الرجال لا على سبيل الانفراد؛ كأن يضع عنده كاتبة، أو ما إلى ذلك؛ فإنه يُكتفى بالرجال للكتابة مع الرجال.
والحقيقة أن الموضوع خطير، وعلى كلّ مسؤول وضع الله أمانة أمته في عنقه أن يتقي الله في هذه الأمة التي ولّاه أمرها؛ فإن الله -جلّ وعلا- يقول في سورة الأعراف:"فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7)"[1]، ويقول -جلَّ وعلا-:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ"[2]، ويقول الرسول ﷺ: « كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيتها ومسؤولة عن رعيتها، والعبد راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته؛ ألا وكلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته »، وهذا جواب مختصر عل حسب البرنامج، وإلا فهذه المسألة تعتبر من أعظم المشاكل المعاصرة. وبالله التوفيق.