حكم طلب المرأة من زوجها أن تسكن في بيت مستقل عن والديه
- فتاوى
- 2021-07-17
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5910) من المرسلة ع.ع. م. من الأردن، تقول: لي قريب مضى على زواجه أكثر من ثلاث سنوات، وخلّف أولاداً وكان يسكن عند أهله في البلد التي يعمل فيها هو وأهله، وعند زيارة أهله وفي العودة إلى البلد التي يعمل فيها أخبرته زوجته أنها تريد بيتاً مستقلاً دون السكن مع والديه، ونفذت ما أرادت وامتنعت عن السفر معه، وبقيت عند أهلها ومع والديها. السؤال: هل يحق للزوجة شرعاً أن تطلب سكناً منفصلاً عن والديه، وإذا كان الزوج يقدر أن يسكن بمفرده، فهل يحقق هذا؟ وإذا كان الزوج لا يقدر أن يسكن بمفرده لصعوبة الناحية المادية عنده فماذا يفعل؟
الجواب:
هذا السؤال هو فرعٌ من فروع هذه الظاهرة المؤسفة، وهذه الظاهرة هي تسلط الزوجة على الزوج والإضرار به وحمله على أمورٍ تضره.
وقد سئل الرسول ﷺ، سأله رجلٌ، فقال: « يا رسول الله، من أولى الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك، ثم أدناك أدناك ».
فلا يجوز للزوجة أن تطلب من زوجها سكناً مستقلاً إذا كان هذا الطلب يحصل بسببه إضرارٌ على أم الزوج، أو على أبيه، أو عليهما معاً؛ لأن الزوجة يمكن استبدالها بزوجةٍ أخرى. فإذا كانت الزوجة تحمل زوجها على عقوق والديه فهذه زوجة لا خير فيها، فيتركها الشخص لوجه الله -جلّ وعلا-، والرسول ﷺ يقول: « من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه »، فإذا تركها لوجه الله -جلّ وعلا- فسيعوّضه زوجة أخرى تكون بارة بوالديه. وقد قال -جلّ وعلا-: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا"[1] والفرقة بين الزوجين لها أسباب كثيرة. وما ذكره السائل من هذه الأسباب التي تحمل الزوج على مفارقته لزوجته.
والمفروض هو أن المرأة إذا تزوجت رجلاً، له أم، أو له أب، أو له أم وأب، فإنها تحرص على تلمس ما يرضيهما من جهتها هي، وتنصح زوجها بإرضائه لوالديه بما يحتاجان إليه من أسباب الرضا؛ لأن حالة الوالدين تختلف، فقد يكتفيان من الولد بحضوره عندما يكونان غنيين ولا يحتاجان إلا إلى زيارته، وقد يحتاجان إلى خدمته، وقد تحتاج الأم إلى خدمته، وقد يحتاج الأب بمفرده إلى خدمته، وقد يحتاجان إلى ماله فتحتاج الأم تكون عاجزةً عن الإنفاق على نفسها، أو الأب يكون عاجزاً، أو يكونان عاجزين؛ فالمرأة تكون سبباً ومعيناً لزوجها على بره فإن هذا فيه أجرٌ عظيم، وقد يرزقها الله -جلّ وعلا- ذريةً تبرها كما صدر منها من البر بوالديّ زوجها.
ومما يؤسف له أن بعض الأزواج يغمض عينيه عن والديه ويطيع زوجته التي تقوده إلى عقوقهما، وهذا أمرٌ لا يجوز، وقد قال الله -جلّ وعلا-: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)"[2].
وقد رأى ابن عمر رجلاً يطوف بالبيت وقد حمل أمه على كتفيه يطوف بها فلما عرف ابن عمر t سأله فقال له: أتظن أنني أديت حقها؟ - يعني بطوافه بها على كتفيه - فقال له عبد الله بن عمر رضي الله عنه: ولا بزفرةٍ من زفراتها[3] -يعني الزفرة في أثناء وضعها له-.
فعلى كل ابن أن يتقي الله في والديه، وعلى كل زوجةٍ أن تتقي الله فتكون عامل برٍ وصلة بدلاً من أن تكون عامل قطيعة وعقوق. وبالله التوفيق.