Loader
منذ سنتين

هل من يراجع الحفظ ولا يختم القرآن يعتبر قد هجر شيئاً من القرآن؟ وما المراد بهجر القرآن الكريم؟


الفتوى رقم (12410) من المرسل السابق، يقول: هل من يراجع الحفظ -فقط- ولا يختم القرآن يعتبر قد هجر شيئاً من القرآن الكريم؟ وما المراد بهجر القرآن الكريم؟.

الجواب:

القرآن كلام الله -جل وعلا-، ويقول -جل وعلا-: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[1]، ويقول -جل وعلا-: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[2].

والصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يحزبون القرآن ثلاثة، وخمسة، وسبعة، وتسعة، وأحد عشر، وثلاثة عشر، وحزب مفصل واحد، فالحزب الأول من أول القرآن إلى آخر سورة النساء، والحزب الثاني من أول سورة المائدة إلى آخر سورة براءة، والثالث من أول سورة يونس إلى آخر سورة النحل، والرابع من أول سورة الإسراء إلى آخر سورة الفرقان، والخامس من أول سورة الشعراء إلى آخر سورة يس، والسادس من أول سورة الصافات إلى آخر سورة الحجرات، والسابع من أول سورة ق إلى آخر القرآن؛ فكانوا يختمون القرآن كل أسبوع -يعني كثير منهم كانوا يختمون القرآن كل أسبوع- ويفضلون الختم يكون من أول النهار في يوم الجمعة؛ لأن يوم الجمعة فيه ساعة لا يوافقها عبدٌ مسلم يدعو الله -جل وعلا- إلا استجاب له الله. وإذا ختم من أول النهار فإن الملائكة تستغفر له إلى غروب الشمس، ويستعملون هذا في الصيف؛ أما في الشتاء فإنهم يفضلون الختم من أول الليل؛ لأن الليل في الشتاء يطول والنهار في الصيف يكون طويلاً؛ هذا من جهة.

ومن جهة أخرى أن الشخص إذا كان يقرأ القرآن فإنه يحتاج إلى أن يكون على جانب من فهم القرآن والطريقة التي تساعده على ذلك هي:

أنه يحدد الآيات التي يريد أن يقرأها بحيث إنها تتكلم عن موضوع واحد، ثم يفهم ما في هذه الآيات من معاني المفردات، ويعرف سبب النزول. وإذا تطرق إلى شيء منها نسخ فإنه يتنبه لذلك؛ وكذلك يتنبه إلى ما يكون فيه إشكال من ناحية تشابه الألفاظ؛ كقوله -جل وعلا-: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ}[3]، ومثل: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}[4]، ومثل: {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ}[5]، ومثل: {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ}[6]، {أَفَلَمْ يَسِيرُوا}[7] إلى غير ذلك من الآيات التي تتشابه على الشخص في حال قراءته.

ثم بعد ذلك يعرف معاني المتشابه المعنوي. والمتشابه المعنوي هو عبارة عن الآيات التي يكون فيها إشكال في أثناء التلاوة؛ كقوله -جل وعلا-: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}[8] مع قوله -جل وعلا-: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ}[9]. فإذا تدبر الإنسان هاتين الآيتين وقع في نفسه شيء من الإشكال.

ثم بعد ذلك يفهم معاني الجمل -جمل هذا الآيات- على حسب علامات الوقف، ثم بعد ذلك يفهم المعنى العام لهذه الآيات، ويعرف العلاقة بين هذه الآيات من ناحية المناسبة، والعلاقة بين الجمل؛ وكذلك يعرف ما اشتملت عليه هذه الآيات من الأحكام، ثم بعد ذلك يحفظها؛ هذا إذا كان الشخص له رغبة في حفظ القرآن فإن هذه هي الطريقة المناسبة. وهذه الأمور التي نبهت عليها يوجد كتب تساعد على كل واحد منها.

أما الشخص الذي يتعبد بالتلاوة هذا يحتاج إلى أن يكون نطقه بالقرآن صحيحاً، ويختم على حسب حاله، فبعض الناس يختم القرآن في كل ثلاثة أيام، وبعضهم في كل سبعة أيام، وبعضهم في كل يوم، وبعضهم يختمه بالليل مرة وفي النهار مرة؛ إلى غير ذلك من اختلاف أحوال الناس في مقدار ما يقرؤون. وكل شخص على حسب استطاعته وظروفه، ويسأل الله التوفيق. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (9) من سورة الإسراء.

[2] الآية (21) من سورة الحشر.

[3] من الآية (173) من سورة البقرة.

[4] من الآية (3) من سورة المائدة.

[5] من الآية (14) من سورة النحل.

[6] وردت في ثلاثة مواضع من القرآن الكريم وأولها في الآية (12) من سورة فاطر.

[7] وردت في ثلاثة مواضع من القرآن الكريم وأولها في الآية (109) من سورة يوسف.

[8] الآية (24) من سورة الصافات.

[9] الآية (39) من سورة الرحمن.