Loader
منذ سنتين

هل كل داعية يُخطئ لا يجوز الاستماع له؟ وهل هناك ضابط في ذلك؟ وهل الجرح والتعديل لكل أحد؟


  • فتاوى
  • 2022-02-03
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (10607) من المرسل أ. أ.ي. ب، يقول: كثر في هذه الأيام شباب توهموا طلب العلم نراهم يحرجون بعض أهل العلم المشهود لهم بالخير لأخطاء وقعوا فيها مثلهم كسائر البشر معرضين للخطأ، فهل كل داعية يُخطئ لا يجوز الاستماع له؟ وهل هناك ضابط في ذلك؟ وهل الجرح والتعديل لكل من هب ودب يجرح العلماء بحجة الجرح والتعديل؟ وهل يكون ذلك علناً بين العوام وبالتالي ينفّرون ممن يرون أنه قد أخطأ فلا يسمع له الناس؟ نرجو الإفادة.

الجواب:

        أولاً: إن الشخص عندما يريد أن يدخل مجال الدعوة إلى الله هو محتاجٌ إلى أن يعدّ نفسه إعداداً علمياً كافياً، فإذا أعدّ نفسه إعداداً علمياً يكون عاملاً بعلمه، فإذا تعلّم وعمل بعد ذلك يشتغل في الدعوة إلى الله -جل وعلا-، وبهذا يكون قدوة في علمه وفي عمله وفي دعوته، ويكون مع ذلك قصده وجه الله -جلّ وعلا-، ويكون مع المجتمع كالطبيب مع المريض؛ بمعنى: إنه يعالج في دعوته أمراض المجتمع التي يلاحظ أن الناس يرتكبونها من ترك واجبً أو فعل شيءٍ محرم؛ هذا من جانب الداعية.

        أما من جانب الأشخاص الذين ينظرون إلى الداعية فعلى كل شخص أن يتقي الله في نفسه، وأن يعلم أن الكلام الذي يتكلمه أنه مسجلٌ في صحائف أعماله، وأنه سيقف هو ومن تكلم فيه يوم القيامة بين يدي الله -جل وعلا-، وأنه إذا كان ظالماً سيقتصّ منه هذا المظلوم. وطريقة الاقتصاص أن الله -سبحانه وتعالى- يأخذ من حسنات هذا الظالم ويضيفها إلى المظلوم، فإن فنيت حسنات الظالم فإنه يُؤخذ من سيئات المظلوم وتطرح على هذا الظالم. وقد جاء رجلٌ إلى الرسول ﷺ فقال: « أوصني. قال له: كُفّ عليك هذا » وأخذ بلسانه.

        وبناءً على ذلك فإن اللسان آلة جارحة وتستعمل في الخير وتستعمل في الشر، فعلى الإنسان أن يتنبه أنه لا يحرك لسانه إلا بما فيه طاعةٌ لله -جل وعلا-.

        أما الشباب الذين يجلسون في مجالس ويزنون الناس هؤلاء إذا نظرت إليهم من جهة العلم وجدت أن علمهم قليل، وإذا نظرت إليهم من جهة العمل وجدت أن عملهم لا يتناسب مع العلم الذي تعلموه؛ بمعنى: إنهم قد يعلمون شيئاً ولكن يخالفونه، وهذه المجالس التي من هذا النوع لا شك أنهم آثمون، فعليهم أن يتقوا الله -جل وعلا-، وليعلموا أنهم مراقبون من جهة الملائكة الذين معهم، فقد وكل الله للإنسان ملكين من صلاة الفجر إلى صلاة العصر، وملكين من صلاة العصر إلى صلاة الفجر، الذي على اليمين يكتب الحسنات، والذي على اليسار يكتب السيئات، وأن هذه الصحائف تعرض على الله يوم الإثنين ويوم الخميس، وإذا جاء يوم القيامة يقول الله -جل وعلا-: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)}[1]، ويقول الله -جل وعلا-: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}[2]، ويقول -جل وعلا-: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}[3].

        فعلى الإنسان أن يحرص على الاستكثار من الخير وأن يتجنب الشر وأسبابه ومجالسه وقرناءه. وبالله التوفيق.



[1] الآيتان (13-14) من سورة الإسراء.

[2] الآية (49) من سورة الكهف.

[3] الآيتان (7-8) من سورة الزلزلة.