Loader
منذ سنتين

ما الدليل على قاعدة دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح من القرآن والسنة؟ وهل لها تطبيقاتٌ مماثلة؟


 

الفتوى رقم (10034) من مرسل من خميس مشيط يقول: كيف أدلل على قاعدة دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح من القرآن والسنة؟ وهل لها تطبيقاتٌ مماثلة أستطيع معرفتها؟

الجواب:

        من المعلوم أن جميع الشريعة مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد، بعض العلماء يقول: إنها مبنية على جلب المصالح ذلك أن درء المفاسد مصلحة.

        وإذا نظرنا إلى القرآن والسنة واشتمال كلٌ منهما على الأوامر والنواهي وجدنا أن الله -جل وعلا- لا يأمر إلا بما فيه مصلحة للعبد، أو مصلحةٌ عامة دنيوية، أو أخروية، أو مركبة منهما. وإن حصل استثناء من هذه القاعدة، فالاستثناء يكون من جهة الشارع. وإذا نظرنا إلى النهي وجدنا أن الله -جل وعلا- لا ينهى إلا عما فيه مفسدة، قد تكون هذه المفسدة مفسدة محضة، وقد تكون مفسدة راجحة.

        وبناءً على ذلك فإن المصالح والمفاسد ينظر فيها من الوجوه الآتية:

        الوجه الأول: أن يكون المأمور به مصلحةً محضة أو مصلحة راجحة، أو أن المأمور به تعارض فيه مصلحتان، أو أن النهي يشتمل على مفسدة محضة، أو مفسدة راجحة، أو مفسدتان متعارضتان، أو تتساوى المصلحة والمفسدة.

        وإذا نظرنا إليها من جهة الحكم وجدنا أن المصلحة إذا كانت محضة أو كانت راجحة على المفسدة فإنها تكون مشروعة، وإذا تعارض مصلحتان أخذ بالراجحة وتركت المرجوحة، وإذا تساوت المصلحتان في نظر المجتهد فهو مخيّرٌ بأن يأخذ ما شاء منهما.

        وإذا كانت المفسدة محضةً، أو كانت المفسدة راجحةً، أو كانت المفسدة مساويةً للمصلحة فإنه يجب اجتناب هذا الأمر.

        وإذا تعارض مفسدتان ارتكبت المفسدة المرجوحة دفعاً للمفسدة الراجحة.

        وإن تساوت المفسدتان في نظر المجتهد ولا بدّ من ارتكاب واحدة فهو مخير في ارتكاب واحدةٍ منهما. وبناءً على ذلك:

        فإن النظر في المصالح والمفاسد في الشريعة يكون من أهله؛ بمعنى: إن الشخص الذي ينظر في المصالح والمفاسد المحضة أو المتعارضة لا بدّ أن يكون مؤهلاً تأهيلاً شرعياً كافياً للنظر، ذلك أن بعض الناس يتخبط في هذا الباب، فقد يعتقد أن الشيء مصلحة ولكنه مفسدة في واقع الأمر؛ لأنه ليس بمؤهل تأهيلاً شرعياً. ومن أراد النظر في قاعدة بناء الشريعة على المصالح فقد خصص لها الإمام العز بن عبد السلام -رحمه الله- في كتابه القواعد الكبرى أو ما يسمّى بقواعد الأحكام في مصالح الأنام فقد تكلم على المصالح والمفاسد في الشريعة على وجهٍ لا تكاد تجده في غير هذا الكتاب. وبالله التوفيق.