Loader
منذ سنتين

ما الأسباب التي تخلص من الوساوس في العبادة خاصة الصلاة؟


  • فتاوى
  • 2022-02-01
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (10461) من المرسل ع. م. ط.، من سدير جلاجل، يقول: ما الأسباب التي تخلص المسلم من الوساوس في شؤون العبادة وبالذات الصلاة؟

الجواب:

        الشخص الذي يحصل عنده شيء مما ذكره السائل يحتاج إلى الرجوع إلى نفسه ومحاسبة نفسه عن واقعه في سيرته مع نفسه، وفي سيرته مع ربه، وفي سيرته مع الناسِ: مع أبيه، مع أمه، مع زوجته، مع أولاده، مع إخوانه أخواته، مع جيرانه، ومع سائر الناس.

        وإذا كان صاحب عمل ينظر إلى سيرته في عمله؛ ذلك أن الشخص قد يكون متساهلاً فيترك الواجب، ويكون تركه سهلاً عليه، ويفعل المحرم ويكون فعله سهلاً عليه، ولا فرق في ذلك بين أن يكون في حق نفسه، أو في حق الله، أو في حق أحدٍ من الناس.

        وإذا حصل منه شيءٌ من ذلك فإن هذا يكون مدخلاً من الشيطان يدخل عليه ويسهّل عليه المضي في ترك الواجبات، ويسهّل عليه المضي في فعل المحرمات. وبعد ذلك يحصل ضعف في إيمان هذا الشخص؛ لأن الضعف صار له سببان:

        السبب الأول: هو التساهل في ترك الواجبات.

        والسبب الثاني: هو التساهل في فعل المحرمات.

وقد يكون هناك مشاكل بينه وبين أحد إذا كان في عمل، أو كان في البيت مع أبيه أو مع أمه أو مع إخوانه أو مع زوجته. هذه المشاكل تحدث عنده بلبلة في الفكر وتشويش، وينتج عن ذلك -أيضاً- الوساوس؛ يعني: يكون فكره مشغولاً مع هذه المشاكل. وقد سُئل الإمام أحمد فقال له السائل: يا أبا عبد الله، كيف أسلم من الناس؟ قال: أحسن إليهم ولا تطلب منهم أن يُحسنوا إليك، وتحمّل إساءتهم ولا تُسء إليهم ولعلك تسلم.

         فهذه المشاكل إذا حصلت إن كان سببها أنها حق لله -جل وعلا- فلا يجوز للعبد أن يتساهل فيها ويتسامح عنها؛ لأنه لا يوجد أحد من الخلق يملك إسقاط حق الله -جلّ وعلا-.

        أما إذا كان الحق للنفس فبإمكان الشخص أن يعفو عنه، ولهذا يقول الله -جلّ وعلا-: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[1]، ويقول: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}[2]، فيتسامح عن هذا الأمر، ويكون تسامحه ملغياً لهذا السبب. فهذه ثلاثة أسبابٍ يكفي واحد منها فكيف إذا اجتمعت؟

        وفيه أمر رابع وهو استسلام الشخص لهذه الوساوس، فقد سألتني امرأة قالت: إنها تدخل تتوضأ للمغرب بعد أذان المغرب ويؤذن العشاء وهي لا زالت في الحمام تتوضأ لصلاة المغرب. وسألتني امرأةٌ أخرى فقالت: إنها تُصلي كل صلاة من الصلوات الخمس عشر مرات!

        فاستسلام الشخص لهذه الوساوس هذا سببٌ من أسباب استمرارها من جهة، وكثرتها من جهةٍ أخرى، وهذا يدل على ضعف الإرادة.

        وفيه سببٌ خامس وهو الغفلة عن الدعاء؛ ذلك أن الشيطان عندما يكثر الإنسان من الذكر ومن الدعاء فإنه يُبعد عن الإنسان، وكلما ضعف الإنسان في جانب الذكر وفي جانب الدعاء فإن الشيطان يقرب منه؛ ولهذا يقول الله -جلّ وعلا-: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4)}[3] الذي هو الشيطان (الخنّاس)، فهو يخنس عندما يكثر الذكر ويكثر الدعاء، ويضعف ويقرب من الإنسان عندما يضعف، أو ينعدم عنده الذكر والدعاء.

        فهذه أسبابٌ خمسة يحتاج الشخص إلى أن يتنبه لها، فيحرص على فعل الواجبات، ويحرص على ترك المحرمات، ويحرص على النظر إلى المشاكل التي تقع بينه وبين الناس، فإذا كان سببها حقاً لله فلا يجوز له أن يتسامح عنه، وإذا كان الحق له فبإمكانه أن يتسامح عنه؛ وكذلك يكون عنده قوة إرادة في عدم المضي في الوساوس، ويكون عنده كثرة الذكر وكثرة الدعاء. وهذه أمور يمكن أن يعالِج بها الوساوس التي تحصل عنده. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (237) من سورة البقرة.

[2] الآية (43) من سورة الشورى.

[3] الآيات (1-4) من سورة الناس.