Loader
منذ 3 سنوات

حكم دعاء الأم ولعنها أولادها إذا أغضبوها وقولها إن اللعنة تأتي من يستحقها، وإذا هدأت استغفرت


  • فتاوى
  • 2021-08-10
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (7514) من المرسلة السابقة، تقول: إخواني لا يسمعون كلام أمي ولا يطيعونها في بعض الأمور، لذا فإن أمي تغضب عليهم وتلعنهم وتدعو عليهم أثناء الغضب، ونحن نقول لها: إن اللعن حرام، وإن دعاء الأم على ولدها مستجاب، ولكنها تقول: إن اللعنة تأتي من يستحقها، وعندما يذهب عنها الغضب تستغفر وتقول: إن دعاءها ليس من قلبها، فما الحكم في ذلك؟ وأرجو إسداء النصح لإخواني أيضاً.

الجواب:

        أما ما يتعلق بعلاقة الولد بأمه سواءً كان ذكراً أم أنثى، فقد قال الله -جل وعلا-:"وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)"[1].

        فواجبٌ على الولد ذكراً أو أنثى أن يتأدب مع والديه، فيعلم الحقوق التي لكل واحدٍ منهما ويعطي كل واحدٍ حقه، ولا يجوز له أن يؤذي والده بفعلٍ ولا بكلامٍ، ولا يجوز له أن يؤذي أمه بفعلٍ ولا بكلام؛ لأن العقوق الذي يحصل منه على والده أو على والدته فإنه سيحصل عليه من أولاده مستقبلاً، فقد قال ﷺ: « بروا آباءكم تبركم أبناؤكم »، وهذا ليس بخاصٍ بالأب، فهو عامٌ بالنسبة للأب وبالنسبة للأم. ومفهوم المخالفة له أنه إذا حصل منك عقوقٌ لأبيك أو عقوقٌ لأمك فإن أولادك سيعقونك في المستقبل إذا كبرت، إذا رُزقت أولاداً وصرت في وضع والدك ووالدتك فإنهم سيعقونك، العمل الذي تعمله مع والديك أولادك سيعملونه معك؛ سواءٌ كان من جهة البر، أو كان من جهة العقوق؛ هذا من جهة الأولاد.

        أما من جهة الأبوين فمن المعلوم أن الأبوة حقٌ وأن الأمومة حقٌ؛ ولكن لا تعني أن الأب يُسيطر على أولاده سيطرةً تجعله يرتكب أموراً محرمةً في حقه؛ وهكذا الأم كونها أماً لا يعطيها حق الظلم؛ يعني: تظلم أولادها؛ كما إذا أمر الوالد ولده بمعصية، والأم أمرت ولدها بمعصية وامتنع عن تنفيذها، وبعد ذلك تعاقبه بالكلام البذيء، لكن إذا أمرته بطاعة كما إذا أمرته بما أمر الله به أو نهته عما حرم الله -جل وعلا-، فحينئذٍ هذا عليه أن يطيعها؛ وهكذا إذا صدر من أبيه عليه أن يطيعه، أما إذا أمرت هي أو أمر الوالد بمعصية؛ فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

        ومن جهةٍ أخرى لا ينبغي للأب ولا ينبغي للأم أن يستخدموا الألفاظ التي جاءت في السؤال؛ كالدعاء فإن الدعاء للوالد مستجاب، فقد قال ﷺ: « ثلاث دعواتٍ مستجابات منها دعوة الوالد على ولده »[2]، فتتجنب الأم الدعاء؛ وبخاصةٍ حتى لو أمرته بطاعة ولكن امتنع هو، لا تدعو عليه بل تدعو له بالهداية، تقول: « اللهم اهدِ قلبه »؛ لأنها إذا دعت له فقد يوافق قبولاً من الله -جل وعلا-، ويكون هذا الدعاء سبباً في صلاح الولد أو في صلاح البنت مدة حياتها؛ أما قولها: "إنها لا تدعو من قلبٍ" فهذا ليس له أثر فالعبرة بما تكلمت به بلسانها. ومن جهةٍ أخرى أن الإنسان عندما يعوّد لسانه على الكلام البذيء فإن هذا سيكون جزءاً من عاداته ومن أخلاقه؛ بمعنى: إن الكلام البذيء يكون سهلاً عليه، فعلى الإنسان أن يعوّد لسانه الكلام الطيب، ولا يعوّده الكلام البذيء. وبالله التوفيق.



[1] الآيات (23- 24) من سورة الإسراء.

[2] أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب الدعاء بظهر الغيب(2/89)، رقم (1536)، والترمذي في سننه، أبواب البر والصلة، باب ما جاء في دعوة الوالدين (4/314)، رقم(1905).