Loader
منذ سنتين

لي صديقة لا تطيع والدها مع أنها تُحافظ على الصلاة وتقوم بكل أعمال الخير؛ لأنه أجبرها على الزواج من رجل لم تقتنع به


الفتوى رقم (12564) من المرسلة أ. إ، من السودان، تقول: لي صديقة لا تطيع والدها مع أنها تُحافظ على الصلاة وتقوم بكل أعمال الخير إلا أنها لا تطيع والدها؛ لأنه أجبرها على الزواج من رجل لم تقتنع به، فهل عليها إثم في عدم طاعة زوجها وكرهها إياها وعدم طاعة والدها أيضاً؟

الجواب:

إن هذه المرأة ومن يماثلها من النساء ينبغي أن تنظر في حالة ما إذا استشارها والدها في شخص يرغب في أن تكون زوجة له وتسأل عن صفاته، فإذا كان مرضياً في دينه وأمانته فليس لها الحق في أن تعترض على والدها في ذلك؛ لأن الرسول ﷺ يقول: « إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه ».

فيوجد من النساء من لا ترغب المتمسك بالدين فتكون هي المعتدية في هذا، ولا يكون والدها ظالماً لها؛ وإنما هي ظالمة إذا كانت تُريد أن تختار شخصاً من هذا النوع، وإذا عرض عليها والدها شخصاً مرضياً في دينه وأمانته رفضته، وإذا ألزمها به قالت: أجبرني. هو أجبرها على ما فيه مصلحتها.

فالمقصود أنه ينبغي النظر في حالة الزوج الذي يرغب والدها أن يزوجها له فإذا كان مرضياً في دينه وأمانته فليس لها الحق في الامتناع، وإذا كان غير مرضي في دينه وأمانته فلها الحق في الامتناع. وعلى فرض أنه حصل من والدها إجبار لها؛ لكن لا ينبغي أن يكون هذا الإجبارُ مانعاً من موانع حق والدها، وبدلاً من أن تكون بارةً به تكون عاقة له لا ينبغي لها هذا؛ وكذلك بالنسبة لحقوق الزوج إذا كان الزوج مرضياً في دينه وأمانته فليس لها الحق في أن تستنكف من أداء حقوقه؛ لأن والدها ألزمها به، فتكون هي الظالمة من حيث الابتداع، ومن حيث منعها، ومن حيث عقوقها لوالدها؛ وكذلك من جهة استنكافها عن أداء حقوق زوجها؛ هذا من جهة الزوجة.

أما من جهة الأب فلا ينبغي أن يجبر ابنته على شخص ليس مرضياً في دينه وأمانته؛ لأن بعض الآباء يغلب عليه الطمع أو تغلب عليه العصبية، فبعض الناس يكون له ابن أخ لا يصوم ولا يصلي فاسق لا خير فيه، ويقول: هذا ابن أخي لابد أن تتزوجيه، فيقدم مصلحة ابن أخيه على دينه.

فالواجب على الآباء أن ينظروا في كفاءة من يريدون تزويجه؛ لأنهم أمناء على مولياتهم؛ يعني: وظيفتهم أنهم أمناء على مولياتهم يختارون من تتحقق فيهم الكفاءة، وبعد ذلك يجرون عقد النكاح. وقد يكون الدافع هو الطمع؛ يعني: عنده أربع بنات، خمس بنات ويضع في نفسه مخططاً: هذه سيشتري من مهرها سيارة، وهذه يشتري من مهرها بيتاً، وتلك يشتري بمهرها بقالة؛ وهكذا يخطط تخطيطاً في حدود مصلحته. وإذا جاء شخص وهو مرضي في دينه وأمانته ولكن حاله متوسطة من ناحية المال رده، وإذا جاء شخص فاسق فاجر لا خير فيه ولكنه غني ويطمع في أن يعطيه نقوداً كثيرة؛ فإنه يعطيه البنت ولا عليه منها؛ يعني: تعيش عيشة تعيسة في دينها ودنياها، أو أنها تعيش منعمة، هذا لا يهمه مطلقاً؛ فالمهم أنه يكون الدافع الطمع أو العصبية؛ هذا من جهة الأب.

وكذلك من جهة الزوج عندما يتقدم لأناس لخطبة ابنتهم، ويشعر أن البنت لا ترغب الزواج به؛ فحينئذ ينبغي أن يتنبه لهذا الأمر، وألا يقدم على زواج هذه بدايته؛ لأن البنت إذا كانت غير راضية قد يكون هناك عوامل في المستقبل يكون لها تأثير على الحياة الزوجية، فقد لا تستمر البنت معه ويكون رُزق منها بولد أو أكثر في فترة حياته معها، وتحصل الفرقة ويتشتت الأولاد.

فالمقصود أنه ينبغي النظر فيما يحقق المصلحة المحضة أو المصلحة الراجحة. وبالله التوفيق.