Loader
منذ سنتين

هل هناك سنة حسنة وسنة سيئة والدِّين قد أكمله الله؟


  • فتاوى
  • 2022-02-21
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (10010) من المرسل ع. س من أوثال يقول: قول النبي ﷺ: « من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها؟ »، هل هذا حديث صحيح؟ وهل هناك سنة حسنة وسنة سيئة والدِّين قد أكمله الله بقوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[1].

الجواب:

        الشخص الذي يقرأ هذا الحديث قد يفهم منه بعض الناس أن المقصود منه تشريع جديد كما فهم السائل ذلك منه، وقد يفهم بعض الناس منه فهماً آخر؛ ذلك أن الله -جل وعلا- إذا تكلم بكلامٍ أراد منه معنى؛ وكذلك رسول الله ﷺ إذا تكلم بكلامٍ أراد منه معنى. فاللفظ وسيلة للمعنى، وهذا المعنى يهدي الله -جل وعلا- من شاء من خلقه لفهم هذا المعنى المراد. وقد يجتهد الشخص ولكن لا يهتدي إلى هذا المعنى المراد، ولهذا قال الرسول ﷺ: « إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد على اجتهاده وخطؤه معفوٌ عنه ».

        وبناءً على ذلك فليس المعنى المراد من قوله ﷺ: « من سنّ سنة حسنة » التشريع؛ وإنما المقصود أن تكون هناك سنة أعرض عنها الناس، أو تكون وسيلة من الوسائل التي تخدم هذه الشريعة ويهدي الله من شاء من عباده لهذه الوسيلة، تطور وتخدم هذه الشريعة، فإذا أميتت سنةٌ في بلدٍ ما؛ مثل: التكبير في أوقاته التكبير المطلق والتكبير المقيد، فيه بعض البلدان لا تسمع مكبراً، وعندما يوجد أحد من المسلمين ويعلن هذا التكبير في مجامع الناس في أوقاته المطلقة وفي أوقاته المقيدة فإنه قد أحيا هذه السنة؛ لأنها قد أُميتت، ويجري هذا المجرى في كثير من أمور الشريعة عندما تعطل ويبعث الله -جل وعلا- من يبينها للناس على وجهٍ سليم.

        وقد تكون هذه السنة وسيلة من الوسائل التي تخدم هذه الشريعة، فمن ذلك سنة جمع القرآن فإنها سنة حسنة، وجمع عمر للناس لصلاة التراويح وغير ذلك؛ لأن هذه كلها وسائل.

        فجمع القرآن وسيلة لحفظه والعناية به؛ وهكذا الوسائل التي تخدم القرآن من جهة؛ مثل: تأريخه، والعناية برسمه، والعناية بقراءاته، وغير ذلك من الوسائل التي تخدم القرآن.

        وهكذا السنة في تدوين أحاديث رسول الله ﷺ والعناية بها على وجوهٍ مختلفة، والسنة وسيلة للقيام بما دلت عليه مما شرعه الله -جل وعلا- على عباده، ولهذا قال ﷺ: « من سنّ سنة حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنّ سنةً سيئةً فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص من أوزارهم شيء ». والسيئة تكون من جهتين:

        أما الجهة الأولى: فقد يسن سنة سيئة من جهة حمل الناس على ترك واجب من الواجبات؛ بحيث إن الشخص إذا فعله فإنه يعاقبه. يكون حاكماً ويمنع الناس من أداء بعض الواجبات؛ فيكون هذا سنّ سنةً سيئةً، وليست هذه السنة من جهة الشرع؛ لكن مدلولها من ناحية اللغة في الحقيقة، لكن من ناحية الواقع فإنها اعتداء على شريعة الله -جل وعلا-، فإذا سنّ للناس ترك واجبٍ من الواجبات؛ كذلك لو منعهم من أداء المندوبات فهذا من السنة السيئة، ولو حملهم على فعل شيء من المحرمات وإقراره؛ مثل: بعض الجهات التي تنشئ أمكنةً لمعصية الله -جل وعلا-، فهذا يحمل - يعني الشخص الذي أقر هذا الأمر - يحمل إثمه وإثم من عمل به من غير أن ينقص من أوزارهم شيء؛ وهكذا لو سن سنناً تكون وسائل لأغراضٍ سيئة، وحمل الناس على سلوك هذه الوسائل فإنها داخلةٌ في عموم هذا الحديث. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (3) من سورة المائدة.