فتاة ملتزمة وتخاف من سوء الخاتمة ومن العذاب بعد الموت
- توحيد الألوهية
- 2022-02-02
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (10489) من المرسلة و. س. ح، تقول: أنا فتاة ملتزمة وصالحة ولا أزكي نفسي؛ لكن مشكلتي التي تسيطر على جزء كبير من حياتي الخوف، أخاف كثيرًا من سوء الخاتمة ومن العذاب بعد الموت، أخاف من غضب الله وسخطه وأشتاق لرضاه، أخاف أن تزل القدم في وحل الفتن الكثيرة في هذا الزمن. وبالرغم من ذلك فأنا أتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، وأبتعد عن المعاصي قدر الاستطاعة؛ إلا أني أشعر أني مقصّرة في حق الله، وأن ذنوبي كثيرة وعظيمة كالجبال، وأني آتي في اليوم الواحد على أكثر من مائة ذنب، مع العلم أني أجتهد في الدعاء أن يغفر الله لي ويرحمني وأن يحسن خاتمتي؛ لكني لا أجد الراحة في قلبي، فبم تنصحوني؟
الجواب:
من المعلوم أن الرسول ﷺ قال: « رُفع القلم عن ثلاثة » وذكر منهم: « الصبي حتى يبلغ ». وبالنظر إلى بلوغ المرأة يكون بنبات الشعر في القبل، أو بلوغ خمس عشرة سنة، أو الحيض، أو الاحتلام، أو الحمل عندما تتزوج، فيبدأ التكليف من حصول علامة من علامات البلوغ.
وبناء على ذلك فإن كل شخص من المكلفين -سواء كان ذكراً أو كان أنثى- يجب عليه أن يتعلم ما يعبد الله به وهذا من فرض العين، فيتعلم كيف يتطهر للصلاة، وكيف يتيمم، وكيف يمسح على الخفين، وكيف يصلي: ينظر إلى صلاة رسول الله ﷺ كيف هي ويصلي كصلاة الرسول ﷺ؛ ويعرف الحقوق التي لله -جل وعلا-، ويعرف الحقوق التي للوالدين، والحقوق التي للمجتمع. وإذا كانت المرأة متزوجة الحقوق التي عليها لزوجها؛ وهكذا بالنظر إلى الرجل؛ بمعنى: إنه يعرف ما أوجب الله عليه خاصة وما حرم الله عليه خاصة، يتعلم هذا وذلك من أجل أن يأتي بالمأمور على الوجه المشروع، ويترك المحرم على الوجه المشروع. وعندما تزل قدمه بترك واجب أو بفعل شيء من المحرمات فباب التوبة مفتوح يستغفر الله ويتوب إليه؛ ولكن لا يكون عمله عمل متلاعب؛ بمعنى: إنه يتوب ولكن في قلبه أنه سيعود إلى هذه المعصية متى سنحت الفرصة له فتكون توبته بلسانه، وهذه التوبة لا تنفع صاحبها. وليفرض الشخص أنه لم يبقَ إلا هذا اليوم الذي هو فيه فينظر ما أوجب الله عليه في هذا اليوم من الصلوات الخمس ويأتي بها في أوقاتها على الوجه الذي شرعه الله -جل وعلا- وكل يوم يمضي. فإن الليل والنهار خزانتان فينظر الإنسان ما يضع في خزانة الليل وفي خزانة النهار من الأعمال الصالحة ومن المعاصي، فإن هذه الخزائن ستُفتح يوم القيامة وينظر الإنسان ما أودعه في هذه الخزائن.
والمقصود أنه لابدّ أن يكون الشخص على يقظة دائمًا في كل يوم وفي كل ليلة من جهة ما يودعه في صحائف أعماله من أعمال طيبة أو من أعمال قبيحة. وكما سبق قبل قليل إذا حصل منه تقصير فإنه يتوب إلى الله ويستغفره. وبعض الناس قد يتسلط عليه الشيطان فيأتي به في الوساوس؛ بمعنى: إنه يقنطه من رحمة الله -جل وعلا- ولا يجوز للإنسان أن يحصل عنده يأس أو يحصل عنده قنوط من رحمة الله؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- أرحم بالعبد من نفسه، فبما أنه أرحم بالعبد من نفسه ففي حياته يُغّلب جانب الخوف على جانب الرجاء. وجانب الخوف هذا له جانبان:
الجانب الأول: يُغلّب جانب الخوف من جهة الأعمال الصالحة خشية ألا يقبلها الله؛ لأن العبرة بقبول العمل وليست العبرة بالعمل الذي يعمله الإنسان، وإن الله -تعالى- يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[1].
والجانب الثاني: هو جانب المعاصي التي عملها أن الله -سبحانه وتعالى- لا يغفرها، قد يتوب الإنسان لكن لا تُقبل توبته.
فهذان الجانبان مهمان فيُغلّب جانب الخوف ولا يُغلّب جانب الرجاء.
أما في آخر حياته وعند موته فإنه يُغلّب جانب الرجاء على جانب الخوف؛ بمعنى: إن الله -سبحانه وتعالى- يغفر ما حصل منه من تقصير من جهة، ويتكرم بقبول الأعمال الصالحة التي عملها فيما مضى من حياته. وبالله التوفيق.