الجمع بين الآيات التي تجعل الصلاة قدراً زائداً على الإيمان، والأدلة التي تكفر تارك الصلاة
- الإيمان
- 2021-10-05
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (2009) من المرسل هـ.ع.ح، من السودان، يقول: هناك آيات فيها دلالة على أن الصلاة أمرٌ زائد على الإيمان مثل قوله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"[1]، وقوله تعالى:"قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ"[2]، فهنا الله سبحانه وتعالى أثبت الإيمان قبل الإتيان بالصلاة في ظاهر الآيات، فأرجو منكم أن توفقوا بين هذه الآيات والأحاديث التي تكفر تارك الصلاة.
الجواب:
أولاً: أن من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الإيمان قولٌ وعمل واعتقاد، قولٌ باللسان وعملٌ بالأركان واعتقادٌ بالجنان، وأنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
ثانياً: « أن الرسول ﷺ حينما أتاه جبريل عليه السلام، في صورة أعرابيٍ وسأله عن الإسلام وعن الإيمان وعن الإحسان، فبين له الرسول ﷺ أركان الإسلام بأنها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا، وبين أركان الإيمان بأنها الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، وبين له الإحسان بقوله: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. وبعد جوابه لجبريل عن الإسلام قال له: صدقت، وبعد جوابه عن الإيمان يقول له: صدقت، وبعد جوابه عن الإحسان يقول له: صدقت. فلما ذهب، سأل الرسول ﷺ الحاضرين عنده قال: هل تعرفون هذا؟ قالوا: لا، قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم » فهذا بيان للإسلام والإيمان والإحسان، وأنها مراتب.
والذي ينبغي أن يتنبه له في هذا المقام هو: أن الإيمان يقابله النفاق، والإسلام يقابله الكفر، والتوحيد يقابله الشرك، والتوحيد والإسلام والإيمان هذه وحدة متكاملة لا ينفك بعضها عن بعضٍ، ومعنى ذلك أن شرائع الإسلام من الأوامر ومن النواهي يعني جميع الأمور التي نُهي عنها على سبيل التحريم مثلاً إذا عمل الإنسان شيئاً منها فقد يكون مؤثراً على إيمانه تأثيراً يزيله، وقد يؤثر عليه تأثيرا ينقص ثوابه، وهكذا بالنظر إذا عمل شيئا من الشرك قد يزول التوحيد حينما يكون الشرك أكبر، وقد يزول كماله حينما يكون الشرك أصغر، وقد يقل كمال ثوابه حينما يرتكب الإنسان المعاصي كبائر الذنوب مثلاً فهذه مؤثرة على التوحيد على هذه الوجوه الثلاثة، الوجه الأول: ما يزيله بالكلية وهو الشرك الأكبر، والثاني: ما يزيل كماله وهو الشرك الأصغر، والثالث: ما يزيل كمال ثوابه وهذا هو كبائر الذنوب التي دون الشرك، مثل: الزنا والسرقة وشرب الخمر، وما إلى ذلك.
وإذا نظرنا من وجهٍ آخر إلى الإسلام وجدنا أنه يذكر في القرآن مفرداً، ويذكر مع الإيمان، وإذا نظرنا إلى الإيمان أيضاً وجدنا أنه يُذكر مفرداً ويذكر مع الإسلام أيضا، فحينما يُذكر الإسلام مفرداً فإنه يفسر بالأعمال الظاهرة والباطنة أيضاً، وحينما يذكر الإيمان مفرداً فإنه يفسر بالإيمان وبالأعمال -يعني بالأعمال الباطنة والظاهرة معاً-، وإذا ذكر الإسلام والإيمان معاً جميعاً، فإن الإسلام يُفسر بالأعمال الظاهرة ، والإيمان بالأعمال الباطنة.
ولهذا لا يمكن أن يتخلى الإنسان عن الإيمان أو عن ركنٍ من أركانه ونحكم بأنه مسلم، ولو أن شخصاً ترك الشهادتين أو ترك الصلاة مثلاً فإننا لا نحكم بإسلامه، وبهذا يتبين أنه لا بد من التأني والتأمل في هذا الموضوع، من جهة الحكم على الشخص هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى أن الأدلة الشرعية التي جاءت في القرآن وجاءت في السنة ليس بينها اختلاف ولا تناقض، وإنما بعضها مكملٌ لبعضٍ، وبالله التوفيق.