Loader
منذ سنتين

انتكست عدة مرات، أتوب وأرجع لانتكاستي، فما نصيحتكم؟ وكيف أنال حلاوة الإيمان؟


  • فتاوى
  • 2022-02-21
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (10013) من مرسل من جدة يقول: أنا شاب انتكست عدة مرات -والعياذ بالله -لكثرة الفتن، وفي كل مرة أتوب ولكن سرعان ما أرجع لانتكاستي، فما نصيحتكم؟ وكيف أنال حلاوة الإيمان؟

الجواب:

        النبي ﷺ قال: « اغتنم خمساً قبل خمس، ومنها: شبابك قبل هرمك ».

        والشباب يكون سبباً لأمورٍ مشروعة، أو لأمورٍ غير مشروعة محرمة، فطاقة الشخص القوية تحتاج إلى مصرف لها، وبعض الناس لا يفكر في الجهة التي يصرف فيها هذه القوة هل هي مرضية لله -جل وعلا- أم أنها مسخطة لله -جل وعلا-، ويكون التركيز الذي عنده في فكره أنه يحقق الأمر الذي يريده من غير نظرٍ في نتائجه؛ سواءٌ كانت نتائجه قاصرة عليه، أو كانت نتائجه متعدية إلى غيره. وسواءٌ كانت دينية، أو دنيوية، أو أخروية؛ فهو يفكر في تنفيذ ما في فكره فقط، وبعد انتهاء هذا التنفيذ تأتيه نفسه اللوامة فتلومه على هذا الأمر الذي فعله إذا كان قبيحاً. وإذا كان حسناً تأتيه النفس المطمئنة فيصير عنده سرور.

        وعلى هذا الأساس فالشخص الذي أعطاه الله قوة في بدنه -سواء كان في أول شبابه، أو كان في منتصف عمره- المهم أن عنده قوة وصحة هذه القوة وهذه الصحة يحتاج الشخص إلى أن يصرفها في مصارفها الشرعية؛ بمعنى: إنه يستعملها في أداء ما أوجب الله عليه، ويتوسع في أداء ما سنه الله -جل وعلا- من سنن الأقوال والأعمال، ويكف هذه القوة عن التقصير فيما أوجب الله، والتقصير فيما سنه الله، ويكفه فتجتنب جميع ما حرم الله -جل وعلا-. وليس معنى هذا أن يعيش الإنسان معصوماً؛ لكن عليه أن يتنبه لنفسه ويسير على هذا الخط. وإذا حصل منه تقصيرٌ أو تعمد فعل شيءٍ، فإنه يتوب إلى الله -جل وعلا-، ولهذا جاء في الحديث القدسي: « يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب فاستغفروني أغفر لكم »؛ ولكن لا يكون هذا على سبيل التلاعب؛ بمعنى: إن الإنسان يستغفر وهو مضمر أن يعود لهذا الأمر الذي استغفر منه. يتوب ولكن في قرارة نفسه أنه سيعود لهذا الأمر، وإذا كان ذلك كذلك فقد اختل شرطٌ من شروط التوبة، وهو العزم على ألا يعود إلى هذه المعصية التي صدرت منه؛ سواءٌ كانت معصية من جهة القول، أو من جهة الفعل، أو من جهة المال، أو كانت من جهة الكف أيضاً. وعندما يحصل عند الشاب كثير من المعاصي لا يجوز له أن ينصرف عن باب التوبة، فإن الله -جلّ وعلا- يقول: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[1] فلا يستكبر الإنسان معصية ولا يستعظم طاعة، وإذا فعل معصية بسيطة لا يستهين بها؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- قد يعاقبه عليها عقوبةً عظيمة، فإن الإنسان ينظر إلى من عصى وهو الله -جل وعلا- ولا ينظر إلى هذه المعصية.

        ومن الأمور التي أحتاج إلى أن أنبه لها بهذه المناسبة أن الشاب يحتاج إلى نظرٍ من جهة أقرانه الذين يقترن بهم؛ فإن القرين إن كان صالحاً سلك بك مسلكاً صالحاً، وإن كان طالحاً فاسداً فاجراً فإنه يقودك إلى الطريق الذي يسلكه هو، ولذلك الرسول ﷺ قال: « المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ». وضرب الرسول ﷺ مثلين للجليس الصالح والجليس السوء فقال: « مثل الجليس الصالح كبائع المسك؛ إما أن يحذيك، وإما أن تجد منه رائحة طيبة. والجليس السوء كنافخ الكير؛ إما أن يحرق ثوبك، وإما أن تجد منه رائحة كريهة ». فالواجب على الإنسان ألا يقترن إلا بمن يعود عليه في مصلحته الدينية والدنيوية المشروعة. وبالله التوفيق.



[1] الآية (53) من سورة الزمر.