Loader
منذ سنتين

ما قولكم فيمن يقول: إن كلام أهل العلماء في أهل البدع والزيغ والانحراف من باب الغيرة فيما بينهم ولو أردنا أن نتكلم في كل أحد لم يبقَ لنا أحد؟


  • فتاوى
  • 2022-01-25
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (9287) من المرسل السابق، يقول: ما قولكم فيمن يقول: إن كلام أهل العلماء في أهل البدع والزيغ والانحراف فهو من باب الغيرة فيما بينهم، فهم يغارون بعضهم من بعض. ولو أردنا أن نتكلم في كل أحد لم يبقَ لنا أحد؟

الجواب:

        الرسول ﷺ قال: « من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه... » الحديث.

        وإذا نظرنا إلى هذا الحديث وجدنا أنه قسّم الناس إلى قسمين:

        القسم الأول: من وقع في منكر، والمنكر كونه يترك واجباً أو يفعل محرماً.

        والقسم الثاني: الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر. والرسول ﷺ قال: « من رأى منكم منكراً »، ثم بيّن أن تغيير المنكر على هذه الدرجات الثلاث بحسب اختلاف الناس، فالتغيير باليد هذا من أهل التنفيذ، والتغيير باللسان هذا من أهل العلم، والتغيير بالقلب هذا الشخص الذي يعرف أن هذا الأمر محرم مثلاً، أو أن هذا الشخص ترك هذا الواجب؛ ولكنه لا يستطيع أن يكلمه في شيءٍ من ذلك. حتى العالم إذا كان سيترتب على تغييره المنكر مفسدة أعظم أو مفسدة مساوية فإنه يتركه، ولهذا الرسول ﷺ « لما جاء وفد نجران لمباهلته من أجل عيسى -عليه السلام- جاؤوا إليه في مسجده بعد صلاة العصر، واستقبلوا قبلتهم وصلوا صلاتهم، ولما أراد بعض الصحابة أن يمنعهم منعهم من أن يصلوا إليهم، وتركهم يتمّون صلاتهم »[1]. ولما بال رجلٌ في المسجد وبعض الصحابة أراد أن يمنعه من ذلك، فقال: « دعوه ولا تزرموه »[2]، لماذا؟ لأنه إذا قام فإن البول سينتشر في عدة مواضع، فالنبي ﷺ لما رأى أن تغيير هذا المنكر يترتب عليه مفسدةً؛ يعني: أقل الأحوال أنها تساوي المصلحة، فالرسول ﷺ منع ذلك.

        وبناءً على ذلك: فهذا تقريرُ أصلٍ في هذا الموضوع، وبناءً على ذلك فعندما يتكلم الإنسان في الشرك الأكبر، والنفاق الأكبر، والكفر الأكبر. ويتكلم على المعاصي وشرب الخمر والزنا؛ يعني: من يقترف ذلك من الناس، ومن يتصف بناقضٍ من نواقض الإيمان، أو ناقض من نواقض الإسلام، أو ناقض من نواقض التوحيد، أو ناقض من نواقض توحيد الأسماء والصفات؛ لأن النواقض تكون في توحيد الإيمان، وفي توحيد الألوهية، وفي توحيد الربوبية، وفي توحيد الأسماء والصفات؛ فإذا تكلم شخصٌ على أن من اتصف بهذه الصفة فإن هذه الصفة تكون ناقضة لإيمانه لا يكون ذلك من باب الغيرة؛ وإنما هو من باب البيان الذي أمر الله به، وأخذ الميثاق على أهل العلم أن يبينوا للناس ما نزل إليهم من ربهم. وبالله التوفيق.



[1] لم أجد من خرجه بهذا اللفظ، وذكره ابن القيم في زاد المعاد(3/549).

[2] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد(1/236)، رقم(284).