هل تأخر المطر بسبب عدم إخراج الزكاة وتصرفات الناس الشنيعة؟
- الزكاة
- 2022-01-14
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (9035) من المرسل ع، من سيناء، يقول: عندنا الأمطار قليلة ويعتمد الناس على زرعهم وكثير من أرزاقهم بعد الله -جل وعلا- على الأمطار إلا أنها في السنوات الأخيرة قد قلّت، فهل هذا من عمل الناس بتصرفاتهم الشنيعة وتركهم إخراج الزكاة؟
الجواب:
امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه أسبابٌ لحصول الخيرات في الدنيا وفي الآخرة، وعدم امتثال الأوامر وفعل النواهي أسبابٌ لحصول غضب الله -جل وعلا- ومنع الخير عن الناس فإن الله -جل وعلا- قال: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}[1]، وقال: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}[2]، وقال: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[3]، وبركات السماء نزول المطر وبركات الأرض أن الله يأمرها فتنبت؛ لأن الماء سببٌ ونبات النبات من الأرض هذا مسببٌ، فالله -جل وعلا- ييسر السبب من جهة، وكذلك يترتب عليه مسببه من جهةٍ أخرى وذلك إذا عمل الناس بمرضاة الله -جل وعلا-.
وقد يقول قائل أن الخيرات تتدفق على العصاة وعلى الكفار والله -جل وعلا- بيّن أن هذا من الاستدراج، فقد قال تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ}[4]، ويقول -جل وعلا-: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}[5].
ومن المعلوم أن الشخص إذا كان مقيماً على المعاصي ويأتيه الخير من وجوهٍ كثيرة، فهذا من باب الاستدراج له.
أما بالنظر للكفار فإن هذه الأمور تكون بمثابة تعجيل النفع لهم في الدنيا هذا من جهة، واستدراج من جهةٍ أخرى، ولهذا يقول -جل وعلا-: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[6]، فالكافر إذا لقي الله -جل وعلا- وهو على كفره يكون الله قد عجّل له ما كان يفعله في كفره لو فعله في إسلامه لكان عملاً مقبولاً عند الله -جل وعلا-، وإذا أسلم الكافر قبل موته فإن الله -جل وعلا- كريم يحتسب له ما فعل من الأمور الطيبة في حياته ويمحو عنه ما فعله من سيئات في حياته الماضية، يقول الله -جل وعلا-: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ}[7]، فجاء الحث على التوبة في مواضع كثيرة من القرآن وفي السنة أيضاً فقد ثبت عنه ﷺ أنه كان يستغفر في المجلس الواحد مائة مرة.
وبناء على ما تقدم فعلى هذا السائل أن ينظر في أهل البلد هل هم مقيمون على طاعة الله أم أن كثرة المعاصي متوفرةٌ لديهم، فإذا كانت المعاصي متوفرة فعليهم أن يتوبوا إلى الله -جل وعلا-، فقد قال -جل وعلا- أيضاً: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[8] فسواءٌ كان الذنب كفراً أو شركاً أو نفاقاً أو معصية؛ يعني: دون هذه الأمور، فعلى الشخص أن يتوب إلى الله -جل وعلا-، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ}[9] إلى آخر الآية، وبالله التوفيق.