الفتوى رقم (11744) من مرسل من دولة عربية مقيم بالمملكة العربية السعودية، يقول: سافرت إلى دولة عربية ومكثت مدة طويلة وكنت لا أتصل على أهلي إلا كل ثلاثة أو أربعة أشهر، فهل هذا من العقوق؟

الجواب:

صلة الرحم تختلف درجتها بدرجة الشخص الذي يراد أن يوصل. والنبي ﷺ سأله سائل فقال: « يا رسول الله، من أولى الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك، ثم أدناك أدناك ».

        وقصة أويس القرني حينما قال الرسول ﷺ لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- « يأتيكم وفد من أهل اليمن معهم أويس القرني له والدة هو بها بار لو أقسم على الله لأبرّه، إن استطعت أن يستغفر لك فافعل ».

        فإذا نظرنا إلى هذه الوصية وجدنا أن أطرافها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وأويس القرني ووالدته والدعاء، وإذا نظرنا إلى مقام عمر -رضي الله عنه- فالرسول ﷺ يقول: « ما سلك ابن الخطاب وادياً إلا سلك الشيطان وادياً آخر ».

        ولما دعا الرسول ﷺ فقال: « اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين »، فجاءه عمر بن الخطاب وطرق بابه معلناً إسلامه.

        فمقام عمر مقام عظيم. قال الرسول ﷺ: « وزنت بأهل الأرض فرجحت، ووزن أبو بكر بأهل الأرض فرجح، ووزن عمر بأهل الأرض فرجح ثم رفع الميزان ».

        فهذا مقام عمر -رضي الله عنه-. وفيه أمور كثيرة تتعلق ببيان شخصيته ومنزلته، ومع ذلك يقول له الرسول: « إن استطعت أن يستغفر لك فافعل ».

        فلما جاء وفد اليمن سأل عنه عمر فدلوه عليه فقص عليه ما جرى بينه وبين الرسول ﷺ فاستغفر له أويس.

فهذا دليل على عظم البر. والإنسان على حسب استطاعته من جهة الوقت، وعلى حسب استطاعته من جهة الفعل والقول والمال. وبالله التوفيق.