Loader
منذ 3 سنوات

بم يستدل على قاعدة: الأصل في العبادات المنع، والأصل في المعاملات الإباحة؟


الفتوى رقم (5902) من المرسل ر.إ.ج. من اليمن، يقول: تنص القاعدة الفقهية على أن الأصل في العبادات المنع كما أن الأصل في المعاملات الإباحة، كيف نستدل على هاتين القاعدتين من الكتاب والسنة؟

الجواب:

        أما القاعدة الأولى وهي: أن الأصل في العبادات الحظر أو المنع أو التوقيف على حسب اختلاف عبارات العلماء، فهذه القاعدة متقررة من الأدلة الاستقرائية من الكتاب ومن السنة التي جاءت محددة لأصول هذه العبادات ومقاديرها وكيفياتها وغير ذلك مما يتعلق بها؛ لأن العبادات حق لله -جلّ وعلا- ولهذا كان الأصل فيها التعبد وليس الأصل فيها التعليل، ولهذا يجري فيها القياس الشرعي، ولا يجري فيها القياس الذي يذكره علماء الأصول. وجريان القياس الشرعي هنا معناه أن أفراد أنواع هذه العبادات كلّ أفراد نوعٍ مندرجة تحت أصلٍ واحدٍ، ولا يُزاد عليها باجتهادٍ من مجتهد، ولهذا المبتدعون الذين ابتدعوا من العبادات ما لم يأذن به الله -جلّ وعلا- زادوا زيادةً ليست بمشروعة داخلة في عموم قوله ﷺ: « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد »، والشخص عندما ينظر إلى الأدلة الاستقرائية من الكتاب والسنة فيما كان من باب التوحيد، أو كان من باب الإيمان؛ وكذلك ما كان من باب العبادات من طهارةٍ وصلاةٍ وزكاةٍ وصيامٍ وحجٍ يجد أن الأدلة الشرعية قد حددتها، ومطلوب من المكلفين أن يطبقوا هذا الشيء المحدد فقط، وليست حوادثه غير منتهية؛ بل صوره محصورة ومطلوب من المكلفين أن يطبقوا هذه الصور كلٌّ في حدود اختصاصه.

        أما القاعدة الثانية وهي: أن الأصل في المعاملات الإباحة فهذه القاعدة مبنيةٌ على ما جاء من الأدلة الدالة على ذلك مثل: « المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً »، وما جاء من الأدلة الدالة على الوفاء بالعقود إلى غير ذلك، ولكن هذه المعاملات من جهة أصولها، ومن جهة أركانها هذه جاءت لها أدلة؛ وكذلك من جهة شروطها؛ أما من جهة الشروط فيها فإن الشروط فيها لم تأتِ محددة؛ وإنما جاء التشريع فيها مبنياً على التوسع، ولهذا من هذه الشروط ما يكون منافياً لما يقتضيه العقد، ومنها ما يكون موافقاً للعقد ومن مصلحته، ومنها ما يكون متردداً بين الأمرين فيحتاج إلى نظرٍ واجتهاد في إلحاقه في أحد القسمين، وحوادث المعاملات وحوادث العادات التي تقع من الناس ليست بمحصورة وعندما تقع الحادثة، فإن من له حق النظر في هذه الحادثة ينظر هل دل عليها دليلٌ معين خاص؟ هل تندرج في دلالة دليلٍ عام؟ أو أنها تندرجُ تحت قاعدةٍ عامة من قواعد الشريعة؛ بمعنى: إن الشريعة مراعيةٌ لجنس المناط الذي اشتملت عليه هذه الحادثة، أو أنه يوجد نوعٌ في الشريعة يكون مشتملاً على مناطٍ، وعندما ينظر إلى مناط الحادثة يوجد أنه يماثل تماماً المناط الذي اشتمل عليه النوع، وهذا يحتاج إلى أن الشخص يسلك مسلكاً لإلحاق هذه الحوادث بمواردها من الشريعة، يحتاج إلى الاستقراء اللفظي للأدلة، أو الاستقراء المعنوي، أو الاستقراء شبه المعنوي. وقد تكون هذه الحادثة ملحقة بصورة معينة ويكون عن طريق القياس الذي يذكره الأصوليون. هذا جوابٌ مختصرٌ عن هذا السؤال، ووقت البرنامج لا يسمح بالتوسع في أكثر من ذلك. وبالله التوفيق.