Loader
منذ 3 سنوات

كيف يجتنب المرء الخلافات الزوجية؟ وما تأثير الخلافات الزوجية على الأبناء، والصراحة بين الزوجين؟


الفتوى رقم (5359) من المرسل ص. س، يقول: كيف يجتنب المرء الخلافات الزوجية؟ وما تأثير الخلافات الزوجية على الأبناء، والصراحة بين الزوجين؟

الجواب:

        كلّ واحدٍ من الزوجين يعتبر مكملاً للزوج الآخر، وعندما يحصل زواج رجل بامرأة فهذا يعني تأسيس قاعدة لأسرة تنشأ عنها مستقبلاً. وهذه الأسرة هي الذرية التي ينجبانها، والرجل يكون مطبوعاً على أخلاقٍ فطرية؛ وهكذا الزوجة تكون مطبوعةً على أخلاق فطرية. وهذه الأخلاق تتأثر بما يكون حولها فقد يكون ما حولها مقوياً لها إذا كان مناسباً لها، وقد يكون منفراً عنها إذا كان مخالفاً لها؛ ولهذا يقول الله -تعالى-: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ"[1]. وقال في الحديث القدسي: « خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين »، وقال ﷺ: « كلّ مولودٍ يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه »، فالعوامل المحيطة بمحيط كلّ من الرجل والمرأة تأثر عليهم في فترة النشأة. هذه الأخلاق الطبيعية وهذه العوامل المقوية لها أو المؤثرة عليها تكون موجودة مع كلّ واحدٍ من الزوجين في حالة الاقتران في الزواج، ثم مع مضي الزمن ينكشف كلّ واحدٍ من الزوجين للآخر؛ فقد يتفقان تماماً بالأخلاق الفاضلة، وقد يتفقان في الأخلاق الشريرة، وقد يكون الرجل فاضلاً في أخلاقه، وتكون المرأة دون ذلك. وقد تكون المرأة فاضلةً في أخلاقها، ويكون الرجل دون ذلك. والذي يتعين هو أنه ينبغي على كلّ واحدٍ من الزوجين أن يفهم صاحبه على وجه صحيح؛ يعني: يفهمه من جهة صفات الكمال الموجودة فيه، ومن جهة صفات النقص، وعندما ينظر إليه من جهة صفات الكمال يشكر الله على هذه النعمة. وعندما ينظر إليه من جهة صفات النقص يحاول معالجة هذا النقص؛ لأنه عندما تتم معالجة هذا النقص تقل الخلافات فيما بينهما.

        وبناءً على ذلك عندما تحصل مشكلة في المنزل ينبغي لكلّ واحد منهما أن ينظر إلى هذه المشكلة ما علاقتها بأخلاق الطرف الآخر؛ يعني: هل هذه المشكلة أخلاقية؟ هل هذه المشكلة مالية؟ هل هذه المشكلة عائلية؟ إلى غير ذلك من أنواع المشاكل. بعدما تحرر هذه المشكلة يسعى في حلها، ومن الأحسن أن يتعاون كل واحدٍ من الزوجين مع الآخر على حل مشاكلهم دون اطلاع أحد هذا من جهة، ودون علم أولادهما إذا كان لهما أولاد في البيت.

        وبهذه الطريقة تستمر الحياة الزوجية على وجهٍ صحيح؛ أما إذا كان كلّ واحدٍ من الزوجين يبحث عن عيوبٍ يجدها في الآخر، ثم بعد ذلك ينميها وينشرها. مثلاً المرأة تنشرها بين أسرتها وأسرة الرجل، والرجل
-كذلك- ينشر عيوب زوجته عند أسرته وعند أسرتها؛ فهذا يزيد المشاكل، فالمتعين هو التعاون على حل المشاكل فيما بينهما حلاً خاصاً فيما بينهما، اللهم إلا إذا كان هناك مشاكل تتعلق بحق الله -جلّ وعلا- كشخصٍ يشرب الخمر، أو شخصٍ يفعل الزنا، أو شخصٍ يترك الصلاة أو غير ذلك؛ فهذه أمورٌ لا بدّ من النظر فيها، ولا بدّ من سؤال الجهة المعني بها؛ يعني: سؤال دار الإفتاء لبيان الحكم الشرعي في ذلك. وبالله التوفيق.

        المذيع: ألاحظ شيخ عبد الله أنه يسأل عن المصارحة بين الزوجين، هل تدعون إليها؟

        الشيخ: الكلام الذي ذكرته فيما سبق الصراحة داخلة فيه، لكن التنبيه عليها حينما أثير هذا السؤال مناسبٌ، وذلك أن الصراحة تختلف باختلاف المشكلة، وباختلاف طبيعة كلّ واحدٍ من الزوجين؛ فقد يكون كلّ منها حليماً وعلى هذا الأساس فالصراحة لا مانع منها. وقد يكون كل واحد منهما أحمق وحينئذٍ الصراحة تكون بمنزلة الوقود من النار، فيزداد الخلاف ويرتفع؛ لأن كلّ واحدٍ منهما لا يملك نفسه. وقد يكون الرجل أحمق والمرأة حليمة، وقد تكون المرأة حمقاء والرجل حليماً، فلا بدّ لكلّ واحدٍ من الزوجين أن يعرف حقيقة الآخر وصفته، ويتعامل معه بما يحقق المصلحة ويدرء المفسدة. وبالله التوفيق.



[1]من الآية (30) من سورة الروم.