Loader
منذ 3 سنوات

حكم بر الأم إذا كانت مطلقة، وتزوجت من آخر، ولم تربي ابنها


الفتوى رقم (3958) من المرسل ع. م. ح، يقول: قال الله -سبحانه وتعالى- {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}[1]، ثم يقول: والدتي تزوجت وأنا لا أزال صغيراً، ولم تعطني أي ذرةٍ من حنان الأمومة، فهل لها عليّ من حق؟

الجواب:

        ما ذكره السائل من جهة أن أمه لم تعطه شيئاً من حنانها، هذا الكلام يقوله وهو كبير السن، ولا يدري ماذا حصل من أمه له من الرعاية، والعناية، والعطف، والنفقة، والكسوة، ومن ذلك إرضاعها له مدة حولين كاملين، وحملها له، والله -تعالى- قال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}[2]، وبعد ولادته ورضاعه، فطامه يحتاج إلى حضانة، وإلى نفقة، وكسوةٍ، وما إلى ذلك، وهو لم يذكر أن أحداً قام بهذه الأمور، وإنما نفى هذه الأمور عن أمه، ولعل هذا من سوء تصرفه هو من جهة الكلام، بمعنى: إن هناك أموراً في نفسه، ولكنه أساء التعبير.

        والمقصود مادام أن أمه توفيت فإن عليه أن يبيحها، إذا كانت من جهة الواقع قد قصرت فيما يجب عليها من جهته، وألا يكون هذا التقصير على فرض وقوعه منها ألا يكون هذا التقصير مانعاً له من برها بعد موتها، وذلك بالدعاء لها من جهة، والصدقة من جهة أخرى، ويحج لها، ويعتمر لها، ويضحي لها في وقت الأضحية، ويقدم فطوراً في رمضان على نية أن هذا لها.

        والنبي ﷺ يقول: « بروا آباءكم تبركم أبناؤكم »[3].

        فالإنسان عندما يحسن إلى والديه، سواء كانوا أحياء أو أمواتاً، فإن الله -سبحانه وتعالى- يجعل أولاده يحسنون إليه، والعكس بالعكس عندما يكون عاقاً لأمه، أو عاقاً لأبيه، أو عاقاً لهما جميعاً، فإن الله يخرج من ذريته من يكون عاقاً له؛ لأن الجزاء من جنس العمل، وحديث برُوا آباءكم تبركم أبناؤكم، ومعنى هذا من جهة المنطوق: أن برك لأبيك سبب لبر أولادك بك، وذكر الأب ليس على سبيل التخصيص له، وإنما هذا جارٍ على الوالدة. ومفهوم المخالفة لهذا الكلام أن عقوق الابن لوالديه سببُ لعقوق أولاده له. وبالله التوفيق.



[1] الآية (23) من سورة الإسراء.

[2] من سورة الأحقاف من الآية (15).

[3] أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط(6/241)، رقم(6295)، والحاكم في مستدركه (4/170)، رقم (7258).