Loader
منذ سنتين

حكم تجارة العملات


الفتوى رقم (2193) من المرسل السابق، يقول: ما رأيُ الدين في تجارة العملة التي يُعمل بها في الصرافات المنتشرة حالياً في بلاد المسلمين؟

الجواب:

الأصل في هذا الباب هو: « أن "الذهب بالذهب، مثلاً بمثل، يداً بيد، سواءً بسواء" وكذلك "الفضة بالفضة، وزناً بوزن » إلى آخر الحديث، وكذلك البر بالبر إلى آخره. جاءت الأوراق النقدية فحلت محل الذهب أو فحلت محل العملة النقدية، وكل بلدٍ تصدر نقوداً تكون نقودها جنساً، وإذا نسبنا نقوداً، نقود بلدٍ إلى نقود بلدٍ أخرى عاملهما معاملة الفضة مع الذهب، والرسول ﷺ لما ذكر الربويات قال في آخرها: « فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد »، فتطبيقاً لهذا الكلام:

 الريال السعودي مع الدولار الأمريكي، أو الريال السعودي مع الجنيه الإسترليني، لا مانع من بيع بعضه ببعضٍ، ولكن لا بد فيه من التقابض بمجلس العقد، فإذا اشترى شخصٌ دولاراً بريالات سعودية فلا بد أن يستلم الدولار ولا بد أن يسلم الريالات السعودية.

 أما بيع النقد الواحد للبلد الواحد، بعضه ببعض؛ كبيع الريالات السعودية بعضها ببعض، فهذا لا يجوز إلا على سبيل المساواة، ويكون ذلك كبيع الذهب بالذهب، أو كبيع الفضة بالفضة، فلا بد فيه من التماثل ولا بد فيه من المساواة.

 وبهذا يتبين أن ما يتعامل فيه بعض الناس الآن من بيع الدولار بنقدٍ غير دولار، إلى أجل ثلاثة أشهر، ستة أشهر، سنة، فمثلاً يبيع دولار بريالات سعودية بأربعة ريالات أو بخمسة إلى سنة، هذا فيه عدم التقابض، فلا يجوز البيع الذي من هذا النوع، وكذلك الذين يبيعون الذهب إلى أجل، فيه أناس يبيعون الذهب بريالات سعودية أو بدولار أمريكي، يبيعون الذهب إلى أجل، فهذا أيضاً لا يجوز.

وكذلك ما يحصل من المقايضة بين باعة الذهب، يبيعون ذهباً بذهبٍ مع اختلاف الوزن، هذه بعض الأمثلة لما سأل عنه السائل، والقاعدة العامة: أن كل معاملة من المعاملات لها أركانها وشروطها، وبناءً على الأركان والشروط، وما يحصل من واقعٍ في المعاملة من جهة مخالفة ركنٍ من الأركان أو من جهة مخالفة شرطٍ من الشروط، أو من جهة اشتراط شرطٍ يكون في العقد لأن الشروط التي يذكرها العلماء هي شروطٌ للعقود، وشروطٌ في العقود، وهذه الشروط هي لا تخرج عن أن تكون شروطاً للأركان، يعني أن كل ركنٍ يكون له شروط، وكذلك الشروط في العقد راجعةٌ أيضاً إلى الأركان لا تخرج عنها.

 فكل معاملة لها ظروفها وملابساتها، فعندما تُصّور من حيث الواقع، يُنظر إلى موضع تطبيقها من الشريعة من جهة إجازتها أو من جهة منعها، وكل شخصٍ يتعامل في هذا النوع من المعاملات أو غير هذا النوع من المعاملات،عليه أن يتأكد عن معرفة حل المعاملة من حرمتها قبل أن يدخل في المعاملة؛ لعموم قوله تعالى: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"[1]، وقد كان الصحابة -رضي الله عليهم- إذا دخل رجلٌ يريد أن يتّجر في السوق، يسألونه عن معرفته لأحكام البيع والشراء، وأحكام الربا، فإذا كان جاهلاً في ذلك، فإنهم يمنعونه ويقولون له: لا تفسد علينا طعامنا. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (43) من سورة النحل.