هل يلحق الأم الإثم بعد ما تكون نصحت في تربيتها لأبنائها؛ ولكن منهم من يرتكب النواهي بعد سن البلوغ والأم تجاريه حتى لا يتجه اتجاهاً آخر؟
- تربية الأبناء والتعامل معهم
- 2022-01-24
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (9224) من المرسلة السابقة، تقول: هل يلحق الأم الإثم بعد ما تكون نصحت في تربيتها لأبنائها؛ ولكن منهم من يرتكب النواهي بعد سن البلوغ، والأم تجاريه في فعله خوفاً منها أن يسلك طريقاً آخر فتنصحه بأسلوب ليّن حتى يرجع إلى الصواب؟
الجواب:
الرسول ﷺ قال: « كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته، فالرجل راعٍ في بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها وَمَسْؤولَةٌ عن رعيتها ».
وتربية الولد منها ما يكون من خصائص الأم، ومنها ما يكون من خصائص الأب؛ أما إذا كان الأب غير موجودٍ فإن أساليب التربية تكون من خصائص الأم.
فأولاً إن المرأة تكون مثالية في أخلاقها في أعمالها في أقوالها فيما تُقدم عليه وفيما تتركه؛ لأنها قد تنهاه عن أمر هي تفعله، وقد تأمره بأمرٍ هي تتركه، والله -تعالى- يقول: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}[1].
فإذا كانت مثالية تكون عالمة بالأمر الذي تريد أن تأمر به أو تريد أن تنهى عنه، وتكون -أيضاً- حكيمة فيما تأمر به وفيما تنهى عنه؛ لأنها إذا فقدت العلم فقد تأمره بمعصية أو تنهاه عن طاعة، وإذا فقدت الحكمة استعملت الغلظة وما إلى ذلك؛ فقد ينشأ عن ذلك ابتعاد من الولد عن أمه من جهة، ومن جهةٍ أخرى أنه يُصر على فعل ما نهته عنه من المعصية.
وعلى كلّ حال فالشخص -سواء كان رجل أو امرأة- عندما يكون عنده ولد فالولد هذا بمنزلة المريض، والأب أو الأم منزلة الطبيب، والطبيب يداوي المريض بالدواء المناسب؛ لا يعطيه دواءً يقتله؛ وإنما يداويه بما يناسبه، ولهذا يقول الله -جلّ وعلا- لنبيه ﷺ: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}[2]، ويقول -جلّ وعلا-: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[3].
ومن قواعد الشريعة الموازنة بين المصالح فقط، ثم الموازنة بين المفاسد فقط، ثم الموازنة بين المصالح والمفاسد.
ففي حالة الموازنة بين المصالح يأخذ بالمصلحة الراجحة. وإذا تساوت المصلحتان فإنه مخيرٌ بأخذ أي واحدةٍ من المصلحتين. وفي حال تساوي المفسدتين فإنه مخيرٌ أيضاً. وإذا ترجحت المفسدة على مفسدةٍ أخرى فإنه يرتكب الأخف ويترك المفسدة الكبرى.
وإذا تعارضت المصلحة والمفسدة فلها ثلاث حالات:
حالة تترجح المصلحة ويقدم، وتارة تترجح المفسدة ويمتنع، وتارة تتساوى المصلحة والمفسدة في ذهنه باعتبار ما يؤول إليه هذا الأمر.
وعلى هذا الأساس يكون درء المفاسد مقدمٌ على جلب المصالح، ولكلّ حالةٍ ما يخصها مما يترتب عليها من الآثار. وبالله التوفيق.