هل مرور الزمن بسرعة وانتهاء الأعوام يدل على قرب الساعة؟
- فتاوى
- 2022-02-09
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (11017) من المرسل خ من المملكة العربية السعودية، يقول: هل مرور الزمن بسرعة وانتهاء الأعوام يدل على قرب الساعة؟ وما الواجب على المسلم مع انتهاء الأيام بسرعة ومرور الأعوام عاماً بعد عام؟
الجواب:
الله -سبحانه وتعالى- قدّر لكلّ شخص من المكلفين زمناً يعيش فيه؛ بحيث يُسأل عنه، فيه من يموت دون البلوغ؛ لكن الشأن هنا في المكلفين.
والله -سبحانه وتعالى- جعل وظائف عمر، ووظائف سنوية، ووظائف يومية للإنسان؛ فوظيفة العمر هي الحج أوجبها الله -تعالى- مرة في العمر، والعمرة أوجبها الله -تعالى- مرة في العمر. وصيام رمضان هذا في السنة. والصلاة هذه في اليوم والليلة.
وفيه أمور -أيضاً- تكون واجبة على الشخص؛ سواء كانت فرض كفاية، أو فرض عين.
وعلى هذا الأساس فالشخص مسؤول عن أداء هذه الوظائف التي أمره الله -جلّ وعلا- بالإتيان بها؛ وكذلك هو منهي عن أن يأتي بأمور في هذا الزمان، وهذا نهي مطلق. نعم، قد يستثنى من مواضع النهي مواضع الضرورة كما في قوله -تعالى-: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ}[1]؛ فالمقصود يستثنى من قاعدة النهي ما دل عليه الدليل.
وكذلك من ناحية الأمر يستثنى منه ما دل عليه الدليل؛ كقوله ﷺ: « صلّ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب »، وكما جاء في مسألة الجمع والقصر، وكذلك ما جاء في مسألة صلاة الخوف إلى غير ذلك.
يبقى بعد ذلك الوظائف المستحبة؛ سواء كانت وظائف قولية، أو فعلية، أو مالية. الإنسان بقدر ما يستطيع أنه يقوم بهذه الوظائف، فمثلاً يجعل له ورداً يومياً من القرآن، لا يفوته يوم إلا وقد قرأ شيئاً من القرآن، ومقداراً من التطوع يصليه في الليل أو يصليه في النهار؛ ولكن لا يصليه في أوقات النهي، يصليه في الأوقات المشروعة؛ مثل: الضحى، وبين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، وفي الليل يصلّي بقدر ما يستطيع؛ وكذلك إذا كان عنده شيء من المال ووجد أحداً مستحقاً وأراد أن يتصدق عليه فلا شك أن هذا فيه خير.
الرسول ﷺ قال: « إن الليل والنهار خزانتان، فإذا جاء يوم القيامة فتحت الخزائن. فالمحسنون يجدون في خزائنهم الفرحة والسلامة، والمسيئون يجدون الحسرة والندامة ».
فأنت عندما يأتي النهار أودع فيه ما يحبه الله واترك ما يبغضه الله. وإذا جاء الليل افعل ما يحبه الله واترك ما حرم الله بقدر ما تستطيع، وكلّ يوم خزانة مستقلة، وكل ليلة خزانة مستقلة، وهذه الخزائن تفتح أمامك يوم القيامة ويقال لك: هذا عملك؛ كما قال -تعالى-: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}[2]. وجاء في الحديث القدسي: « يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيّكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ». وبالله التوفيق.