Loader
منذ 3 سنوات

إقامة المحاضرات والدروس بجانب المسجد، وصلاتهم في هذا المكان


  • الصلاة
  • 2021-09-24
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (1794) من مرسل سوداني لم يذكر اسمه، يقول: نقيم بعض المحاضرات الدينية بجانب المسجد ونسمع الآذان، ولا نأتي المسجد بعد انتهاء الدرس، نصلّي في المكان الذي أقيم فيه الدرس، ما رأيكم في ذلك؟

الجواب:

        الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- كان يلازم صلاة الجماعة في مسجده، والصحابة رضي الله عنهم كانوا يحرصون على الصلاة معه، وشرع بناء المساجد، وشرع الله -جل وعلا- صلاة الجماعة في المساجد، فلو فُتح هذا الباب وصار كلّ جماعةٍ في مكانٍ ما يصلّون في مكانهم؛ نتج عن ذلك هجر المساجد؛ ففي بعض البيوت يوجد أفرادٌ كثيرون من الرجال بإمكانهم أن يصلوا جماعة في مجلسهم الذي يجلسون فيه، يقومون ويقيمون الصلاة، والمسجد بجانب البيت لا يصلون فيه، وهكذا بالنسبة للحدائق العامة، وهكذا بالنسبة للمجامع الأخرى، وبهذا يحصل هجران المساجد.

فبما أن عندكم عناية في طلب العلم، وتلقون المحاضرة، وأنتم بجوار المسجد، والناس يصلّون في المسجد، وأنتم بجانبه ولا تأتون إلى الصلاة مع الجماعة؛ هذا فيه خللٌ من الناحية التطبيقية.

 وأنا أوضّح ذلك قليلاً:

أمور الشريعة لها جانب نظري من ناحية التشريع، ومطلوبٌ تطبيق هذا الجانب النظري.

 بعض الناس يعلم الجانب النظري، أو يعّلم الجانب النظري، وفي حالة تعلّمه له نظرياً، لا يعرفها تطبيقياً، وفي حالة تعليمه نظرياً لا يعلّمه تطبيقياً.

 ولهذا نجد أن بعض الناس يكون عنده علمٌ من الناحية النظرية؛ ولكن لا يكون عنده تطبيقٌ لما عنده من العلم.

        على سبيل المثال: تجد بعض الناس يحث على صلاة الجماعة، ويعرف أن حكمها واجب، ولكنه يصلي في البيت.

فانظر إلى ما عنده من العلم النظري، وهو حثه على صلاة الجماعة، وعلمه أنها واجبة، وفي مجال التطبيق يصلي منفرداً، وهكذا من ناحية التربية، فالشخص أو المدرس قد يعلّم تلاميذه فروض الوضوء ويحفظونها؛ ولكنه لا يتوضأ أمامهم، ولا يطلب منهم أن يتوضؤوا أمامه، فتعليمه لهم هو تعليمٌ نظري ووضوؤه أمامهم؛ هذا أمر عملي، وطلبه منهم أن يتوضؤوا، وأن يتأكّد من تطبيقهم للجانب النظري؛ هذا أمرٌ عملي.

والحقيقة أن بالعناية بالجانب النظري وبالجانب العملي على سبيل السواء، بحيث إن من يعّلم الجانب النظري يتأكّد من وقوع الجانب العملي، ممن ينبغي أن يقع منه، يتأكّد من سلامته، بهذا يكون التعليم مقبولاً.

        فهؤلاء الذين سألوا هذا السؤال عندهم إساءة في التطبيق، من جهة أنهم بجوار المسجد، ويتعلمون العلم الشرعي، ومع ذلك لا يحضرون جماعة المسلمين في المسجد؛ وإنما يصلون منعزلين عنهم، وهذا الجانب التطبيقي مخالفٌ للجانب النظري. وبالله التوفيق.