حكم إحياء مولد الرسول ﷺ في حفلة جماعية بالذكر والمدائح النبوية والتهليل والصلاة على الرسول، ثم توزيع الشاي والحلوى على المجتمعين لمدة 12 يوماً
- الأصل في العبادات التوقيف
- 2022-05-06
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5534) من المرسل ح. م. ع، يقول: عندنا بعض الناس يقومون بإحياء مولد الرسول ﷺ في حفلة جماعية بالذكر والمدائح النبوية والتهليل والصلاة على الرسول، ثم يقومون بتوزيع الشاي والحلوى على المستمعين على المجتمعين لمدة اثني عشر يوماً، ما حكم ما يفعلون جزاكم الله خيراً؟
الجواب:
الأقوال والأفعال والعقود الموجودة في الشريعة، والأمور التي شُرع تركها؛ يعني: نُهي عنها هذه أسباب، وتكون هذه الأسباب من العبادات، وتكون من العادات، وإذا كانت هذه الأسباب من العبادات فالأصل فيها التوقيف؛ يعني: إن الشخص عندما يتقرب إلى الله بعبادة قولية، ويتقرب إلى الله بعبادةٍ فعلية؛ كالطهارة، والصلاة، والصيام، والحج فإنه يحتاج إلى دليلٍ يستدل به على مشروعية هذا القول وهذا الفعل؛ فالأصل في العبادات هو التوقيف، فلا تعبد الله إلا بما شرعه في كتابه، أو على لسان رسوله ﷺ.
وإن نظرنا إلى المسألة المسؤول عنها وجدنا أنها تُفعل على أنها عبادة. وإذا نظرنا إلى العصر الذي عاشه الرسول ﷺ وجدنا أنه لم يقم مولداً لنفسه. وإذا نظرنا إلى الخليفة الأول الذي قال فيه الرسول ﷺ: « لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكرٍ خليلاً »، والذي يقوله فيه ﷺ: « لو وُزن إيمان أبي بكرٍ بإيمان أهل الأرض لرجح ».
إذا نظرنا إلى العصر الذي عاشه أبو بكر رضي الله عنه مع قوة محبته للرسول ﷺ وطاعته لله سراً وعلانية، قولاً وفعلاً واعتقاداً -وجدنا أنه لم يقم مولداً للرسول ﷺ.
وإذا نظرنا إلى العصر الذي عاشه عمر رضي الله عنه الذي قال فيه الرسول ﷺ: « لو سلك ابن الخطاب وادياً لسلك الشيطان وادياً آخر »، يعني: لا يجتمع معه الشيطان في طريق وذلك لقوة إيمانه، إذا نظرنا إلى العصر الذي عاشه وجدنا أنه لم يقم مولداً للرسول ﷺ؛ وهكذا بالنظر إلى عثمان وعلي، وهكذا عصر الصحابة، وهكذا عصر التابعين، وهكذا عصر أتباع التابعين، فالقرون المفضلة لم ينقل عن أحدٍ منهم ممن يُقتدى به أنه أقام هذا المولد محبةً للرسول ﷺ. والشخص الذي يحب الرسول ﷺ يتبعه بما جاء به عن الله -جلّ وعلا-، ويتبعه بما ثبت عنه من سنته فيمتثل ما أمر به، وينتهي عما نهى عنه.
وهذه المسألة من الأمور التي نهى عنها نهياً عاماً، ولهذا قال: « عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كلّ محدثةٍ بدعة، وكلّ بدعةٍ ضلالة، وكلّ ضلالةٍ في النار ». ولا شك أن إقامة الموالد من الأمور المبتدعة، فلا يجوز للشخص أن يحضرها، ولا يجوز له أن يقيمها، ولا يجوز له أن يقرها، ولا يجوز له أن ينفق مالاً فيها. والشخص الذي يزعم أنه يحب الله ويحب رسول الله ﷺ يعمل بقوله -تعالى-: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ"[1]، فينظر إلى ما أمر الله به، وما أمر به رسوله ﷺ فيمتثل، وينظر إلى ما نهى الله عنه وما نهى عنه رسوله فيمتنع عنه. وهذه المسألة من الأمور المنهية عنها داخلة في عموم الحديث الذي سبق. وبالله التوفيق.