Loader
منذ 3 سنوات

حكم بيع فيز العمل


الفتوى رقم (6569) من المرسل السابق يقول: يوجد في المملكة بعض الدول الأخرى من يستخرجون فيزاً للعمل ثم يبيعونها، هل هذا العمل حرام أم حلال؟

الجواب:

        من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى شرع الأسباب التي تترتب عليها المصالح وأمر بالامتثال لفعلها، وشرع الأسباب التي تترتب عليها المفاسد وحرم مباشرتها.

        ومن المعلوم أن كسب الأموال له أسبابٌ مشروعة وأسبابٌ ممنوعة، ومن الأسباب المشروعة ما ذكره الله -جل وعلا- وما جاء عن الرسول ﷺ من بيان المعاملات المشروعة؛ كمشروعية البيع الذي توفرت أركانه وشروطه وانتفت موانعه، وكالسلم، والإجارة؛ وهكذا سائر المعاملات التي جاءت في القرآن وفي السنة. وبيّن الله أسباباً لكسب المال وهذه الأسباب محرمة ومنها الربا، فالربا كسب محرمٌ، والله سبحانه وتعالى بيّن الربا، وبيّن حرمته، وبيّن العقوبة المترتبة عليه: "الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ"[1].

        ومن أسباب كسب المال التي ليست بمشروعة ما ذكره السائل في سؤاله؛ فإن هذه الفيز أخذها هذا الشخص أذنت له الدولة من أجل أن يأتي بعمّالٍ كل عاملٍ له صفة -يؤدي حسب هذه الصفة- يؤدي بها عمله عند الشخص الذي استقدمه. وقد صدر قرارٌ من هيئة كبار العلماء بأنه لا يجوز للشخص أن يستخدم عاملاً لغير ما استقدمه من أجله، ولحصول مخالفاتٍ كثيرةٍ من المستقدمين من العمّال من جهة مخالفتهم طاعة ولي الأمر. والله -تعالى- يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ"[2]، وهذا الشخص الذي يأخذ الموافقة على فيزٍ هو لا يقول للجهة التي تمنحه هذه الفيز: أنا أريد أن أبيع هذه الفيز؛ لأنه لو قال لهم ذلك لم يوافقوا على الاستقدام، ولهذا نجد أن بعض الأشخاص الذين يستقدمون العمّال منهم من يشترك مع العامل شركة مضاربة، ومنهم من يجعله يشتغل في المحل التجاري ويفرض عليه -مثلاً- أربعة آلاف في الشهر يسلّمها له، ومنهم من يطلقه يقول له: اذهب واكسب وتعطيني -مثلاً- في السنة ألفين، ثلاثة آلاف، أربعة آلاف مقابل كفالته له، فحدثت أضرار بسبب التجاوزات التي تحصل من بعض الأهالي؛ فهم لا يتعاونون مع الجهات المسؤولة؛ وإنما يسعون بتوفير المال لهم عن طريق الكسب المحرم، فلا يجوز للشخص أن يستعمل ذلك؛ لا يجوز بيعه ولا يجوز الشراء منه. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (275) من سورة البقرة.

[2] من الآية (59) من سورة النساء.