كلمة وتوجيه حول انتشار الشحناء بين المسلمين خاصة الدعاة
- فتاوى
- 2022-02-02
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (10470) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: كثرت في الآونة الأخيرة الشحناء بين أبناء المسلمين؛ بل نجد ذلك ظاهراً بين بعض الدعاة؛ حيث نجد تبادل الاتهامات والمكاتبات الظاهرة في كثير من الصحف والمنتديات عند حصول أدنى خلاف بينهم، فما كلمة فضيلتكم وتوجيهكم في هذا؟
الجواب:
الشخص عندما يقع في نفسه أمرٌ من الأمور التي تسوؤه عن شخصٍ آخر: إما أن يكون هذا الأمر بلغه بطريق السماع من الشخص، أو بطريق الكتابة. وإذا كان هذا الأمر الذي بلغه عنه بهذا الطريق واقعاً؛ بمعنى: إن هذا المُتكلم صدق فيما قاله فعلى المُتكلم فيه الرجوع إلى الصواب.
وإذا كان الكلام الذي تكلم به أو كتبه ليس بصحيح فعلى المُتكلم أن يبين الواقع الصحيح؛ لأن كثيراً من الكلام الذي يتكلمه بعض الناس في بعضٍ محتاجٌ إلى أن يكون مطابقاً للواقع؛ هذا هو الأمر المُتعين فلا يكون كذباً، ولا يكون في جانب من الجوانب التي قد يكون لها صلة في الموضوع؛ ولكنها قد تكون وسيلة من الوسائل.
أما الذي يتكلم في أعراض الناس دون حساب فلا شك أنه آثمٌ؛ لأن عٍرض المسلم محرم لا يجوز لأحدٍ أن ينتهك عرضه.
أما إذا جاءه الكلام عن طريق الواسطة؛ بمعنى: إن الشخص الذي تكلم وجد من ينقل كلامه إلى ذلك الشخص دون وصيةٍ منه؛ فالناقل متبرعٌ جاء إليه وقال: إن فلان يقول فيك كذا وكذا وكذا.
فأولاً: هذا نميمة، وبناءً على ذلك فإن الناقل آثمٌ، ثم إن الشيء الذي نقله هل نقله باللفظ؟ هل نقله كله؟ هل نقل بعضه؟ هل نقله بالمعنى؟ فكثيرٌ من الناس يهتم بنقل الكلام؛ ولكنه لا يهتم بمصداقية الكلام على الواقع. وعلى كل حالٍ هو لا يجوز بهذه الصفة؛ لأنها -كما ذكرت قبل قليل- من باب النميمة. وعلى هذا الأساس فإن وجود الخلاف بين فردين أو بين جماعتين من الجماعات لا شك أنه يؤثر تأثيراً نفسياً، وتأثيراً اجتماعياً، وتأثيراً علمياً، وتأثيراً عملياً؛ بمعنى: إنه يؤثر تأثيراً بالغاً. وبناءً على ذلك لابدّ من تشخيص المحل الذي حصل فيه الخلاف، ويكون التشخيص ممن له قدرة علمية إذا كان الخلاف في مسألةٍ علمية.
أما إذا كان الخلاف من جهة جرح بعضهم لبعض فهذا لابدّ من النظر فيه، فيُنظر إذا كان الحق لله -جل وعلا- فلا يجوز التسامح فيه. ويمكن الاستفادة من وسيطٍ ثالثٍ ينظر في هذا الموضوع ويكون ناصحاً لكلٍ منهما من جهة إزالة هذا الخلاف.
أما إذا كان الحق للشخص فمن القواعد المقررة أن ما كان من الحقوق المشتركة بين الله وبين خلقه أو كان الحق لله، فإن المخلوق لا يملك التنازل عنه؛ أما إذا كان حق مخلوق فإنه له أن يتنازل عنه. فإذا حصل أذى من شخصٍ على شخصٍ وكان هذا الأذى فيه انتهاك في حق المؤذى، فهو بالخيار إن أراد أن يسمح عنه، فأجره على الله -جل وعلا- وإن لم يأذن له ولم يسمح له فالله -سبحانه وتعالى- وكّل ملائكة يكتبون ما يفعله الإنسان وما يقوله؛ كما قال -جلّ وعلا-: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[1]، وكما قال: {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}[2]؛ فهم يكتبون الحسنات ويكتبون السيئات، وإذا جاء يوم القيامة فإن الله يقتص للمظلوم من الظالم، فيؤخذ من حسنات الظالم وتعطى للمظلوم، وإذا فنيت حسنات الظالم وتعطى المظلوم، وإذا فنيت حسنات الظالم أُخذ من سيئات المظلوم ووضع على الظالم؛ فعلى الشخص أن يحرص على التخفيف عن نفسه من الذنوب مادام على قيد الحياة. وبالله التوفيق.