Loader
منذ سنتين

أيهما أكثر ثواباً قراءة القرآن أم قراءة كتب العلم كي يزداد علماً وخشية؟


الفتوى رقم (10706) من المرسل هـ. إ من مصر يقول: أيهما أكثر ثواباً قراءة القرآن إذْ الحرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها، أم قراءة كتب أهل العلم كي يزداد المرء خشيةً وعلماً وتقوى؟

الجواب:

        الله -سبحانه وتعالى- قال: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}[1] وقال -جلّ وعلا-: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}[2] وقال: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}[3].

        هذه الآيات تقرر أصلاً في الشريعة وهو أن الشخص عليه أن يعمل تنسيقاً بين أمور دنياه فقط، وتنسيقاً بين أمور دينه فقط، وتنسيقاً بين أمور دينه ودنياه؛ بمعنى: إنّه يقوم في أمور دينه ولكنه يقدم الأفضل فالأفضل؛ ولكن هذا التقديم لا يلغي ما كان واجباً عليه.

        ولهذا الصحابة الذين جاؤوا إلى الرسول ﷺ منهم من يصوم الدهر ولا يفطر، ومنهم من لا يتزوج ترك النساء إلى غير ذلك من الأمور التي عرضوها على الرسول ﷺ فذكر لهم الوسطية، فقال: « هو يصوم ويفطر ويتزوج النساء... »، إلى آخر ما ذكره ﷺ، فهذا يقرر أن الإنسان يعمل موازنة بين أمور دينه فلا يطغى بعضها على بعض، ويعمل موازنة بين أمور دنياه فلا يطغى بعضها على بعض، ويعمل موازنة بين أمور دينه وبين أمور دنياه فلا يطغى بعضها على بعض. وعمر -رضي الله عنه- لما دخل المسجد ووجد أشخاصاً لا يخرجون من المسجد إلا للوضوء قال لهم: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون! فقال: أنتم المتكلون[4]، فأمرهم بالخروج من المسجد وقال لهم: ألم تعلموا أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة. فهؤلاءِ غلّبوا جانب الدين على جانب الدنيا.

        فالواجب على الإنسان أن يعمل موازنة بين أمور دينه فقط، وبين أمور دنياه فقط، وبين أمور دينه ودنياه؛ بمعنى: إنّه يعطي كل جانبٍ من جوانب دينه وجانب من جوانب دنياه حقه بحيث لا يكون لبعضها تأثير سلبي ممنوعٌ شرعاً. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (77) من سورة القصص.

[2] من الآية (110) من سورة الإسراء.

[3] الآية (67) من سورة الفرقان.

[4] أخرجه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم(7/132)، رقم(3027).