حكم اعتزال الشخص الناس فراراً بدينه
- فتاوى
- 2021-12-03
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (2238) من المرسل م. ن. ع، من الصومال، يقول: أنا رجلٌ أحب الوحدة دائماً عن الناس فراراً بديني، فهل عليّ ذنبٌ في هذا؟
الجواب:
العزلة تختلف باختلاف الأشخاص، فمن الناس من يستطيع أن يؤثر في غيره ولا يتأثر في نفسه، يؤثر في غيره الخير من جهة حمل الناس عليه، ويؤثر فيهم من جهة منعهم عن الشر، ولكنه لا يتأثر هو فيما يكونون عليه من سوء، فهذا الشخص مخالطته للناس أحسن من انعزاله عنهم؛ لأن الرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول: « المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم ».
ومن الناس من يتأثر بغيره ولا يستطيع أن يؤثر في غيره، يتأثر في غيره من جهة ما عند الغير من السوء، يتأثر فيه من جهة ما عنده من السوء؛ ولكنه لا يستطيع أن يؤثر في غيره، لا من ناحية الخير، ولا من ناحية منعه عن الإساءة، وهذا لا شك أن تقليله الاتصال بالناس يكون أصلح له؛ لأن مصلحته تقتضي ذلك، حيث يقلّ الشر بالنسبة له.
وفيه نوعٌ ثالثٌ من الناس لا يستطيع أن يؤثر في غيره بأي وجهٍ من وجوه التأثير، وهو أيضاً لا يتأثر في غيره، وهذا أيضاً يرجع إلى حالته، فإن رأى أن اتصاله بالناس يفيده، فعليه أن يتصل، وإذا كان اتصاله بالناس لا يفيده فيقلل الاتصال بالناس.
والرسول صلوات الله وسلامه عليه بيّن العلاقة التي تكون بين الإنسان وبين غيره، فضرب مثلاً للجليس الصالح، والجليس السوء، فذكر أن مثل الجليس الصالح، كمثل بائع المسك أو كبائع المسك، إما أن يحذيك وإما أن تشتري منه، وإما أن تجد منه رائحةً طيبة، فكذلك الجليس الصالح، تستفيد منه، وضرب مثلاً للجليس السوء بنافخ الكير، إما أن يحرقك وإما أن تجد منه رائحةً كريهة، فحينئذٍ الشخص الذي يتصل بالناس الذين يتمكن من الاستفادة منهم، هذا العزلة ليست في مصلحته، وأما الإنسان الذي يتصل بالناس اتصالاً يعود عليه بالإساءة، فهذا العزلة خيرٌ له، وبالله التوفيق.