الحكم الشرعي في الصور سواء كانت فوتوغرافية أو رسماً أو نحتاً؟ وما حكم مشاهدة القنوات الفضائية سواء كانت برامج دينية أو غير ذلك؟
- فتاوى
- 2021-07-25
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (6455) من المرسل السابق، يقول: أرجو من فضيلتكم توضيح الحكم الشرعي في الصور سواء كانت فوتوغرافية أو رسماً أو نحتاً؟ وما حكم مشاهدة القنوات الفضائية سواء كانت برامج دينية أو غير ذلك؟
الجواب:
أما ما يتعلق بالتصوير فمن المعلوم أن تصوير ذوات الأرواح حرام، فقد لعن رسول الله ﷺ المصورين.
وأما ما يتعلق بمشاهدة القنوات الفضائية فإن الإنسان مركب من بدن وروح، وإن غذاء بدنه ما هيأ الله له من وسائل العيش في هذه الحياة الدنيا؛ كما قال -تعالى-:"هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا"[1]؛ فالأغذية المباحة والأشربة المباحة؛ وكذلك الألبسة والمساكن كلّ هذه مهيأة من جهة الله -جل وعلا- تحقيقاً لقوله تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ"[2]؛ فهذا وجه من وجوه تكريم الله لبني آدم؛ وكذلك حرّم عليهم الأشربة المحرمة، والأغذية المحرمة، واللباس المحرم، والسكنى في بيت محرم؛ كما إذا غصب الإنسان بيتا أو ظلمه، أو كان بسبب ربا، أو كان بسبب رشوة، أو غير ذلك من وجوه المكاسب المحرمة؛ فإن الله -جل وعلا- طيب لا يقبل إلا طيباً؛ هذا بالنظر إلى غذاء البدن. وهيأ -أيضاً- العلاج لما يعرض لهذا البدن من أمراض وذلك بالمحافظة على بقائه سليماً، وهيأ للروح غذاء وهو ما أنزله الله -جل وعلا- من الكتب على رسله. والرسل بلغوا الخلق هذه الكتب؛ كلّ رسول يبلّغ أمته. وآخر الرسل محمد ﷺ، وآخر الكتب هو القرآن، فالقرآن شريعة عامة إلى أن تقوم الساعة. وهذا الغذاء الموجود في القرآن وفي السنة هو اتباع أوامر الله واجتناب نواهيه، فعندما تغذى هذه الروح بالأغذية الشرعية تُغذى باتباع الأوامر وبترك المحرمات؛ فإن الإنسان يكون قد امتثل ما أمره الله به، واجتنب ما نهاه الله عنه، وكان هذا الغذاء له تأثير -أيضاً- على نشاط البدن عموماً، وعلى نشاط جميع حواسه خصوصاً؛ فيسمع ما ينفعه، ويبصر ما ينفعه، ويتكلم بما ينفعه، ولا تمس يده إلا ما يكون فيه نفع له؛ وهكذا بقية الحواس. أما إذا كانت الروح مريضة ومرضها يكون بفعل المعاصي من ترك واجب أو فعل محرم، فإذا كانت هذه الروح مريضة بسبب ذلك فإن هذا المرض ينجر إلى البدن وبخاصة إلى الحواس، فيتلذذ الإنسان بسماع ما حرم الله، وبالنظر إلى ما حرم الله، وبالكلام بما حرم الله -جل وعلا-، وبوضع يده على ما حرم الله -جل وعلا- وبتناول ما حرمه الله -جل وعلا- من المآكل والمشارب وما إلى ذلك. وهذه القنوات الفضائية لا شك أن الهدف منها هو إفساد فطرة الناس, والله -جل وعلا- قال: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ"[3]. وقال النبي ﷺ: « كلّ مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه »، فكما أن الأغذية الفاسدة المحرمة تضر بالبدن، ولها تأثير على الحواس أيضاً، وكما أن المعاصي تؤثر على الروح من جهة، وعلى الحواس من جهة، وعلى سائر البدن من جهة أخرى؛ فإن هذه القنوات التي يشاهدها الإنسان تؤثر تأثيراً بالغاً على الشخص، فتجد الشخص يخرج من بيته بعد صلاة العشاء ويرجع إلى أهله قبل أذان الفجر بقليل وينام عندما يأتي إلى أهله. وإذا كان عنده دوام يؤقت الساعة على وقت الدوام فلا يصلي الفجر؛ فيشاهد في تلك الفترة ما حرم الله -جل وعلا-، ويسمع ما حرم الله -جل وعلا-، وهو بهذه الطريقة يربي نفسه تربية سيئة. وقد تقوى هذه التربية في نفسه حتى يدخل هذه القنوات بجهاز في بيته. وقد ذكرت لي سائلة تقول: إن زوجها يشاهد هذه القنوات القبيحة في بيته، ويجبرها هي وأولادها على الجلوس معه. ولا شك أن هذا خيانة بين العبد وبين ربه فإن الله -جل وعلا- يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ"[4]؛ فخيانة الله خيانة القرآن، وخيانة الرسول خيانة السنة. وخيانة الأمانات التي بينك وبين الناس فيما ائتمنوك عليه؛ فلا شك أن سمعك أمانة، وبصرك أمانة، ولسانك أمانة، وجميع جوارحك أمانة، وروحك أمانة وعقلك أمانة جميع جسمك في جميع أجزائه كل جزء منه أمانة أنت مأمور بأن تضع هذه الأمانة في الموضع الذي شرعه الله؛ كما قال -تعالى-: "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"[5]. ولا شك أن الأمانة التي تحملتها أنها أمانة الدِّين، نسأل الله العفو والعافية. وبالله التوفيق.