Loader
منذ سنتين

رأيكم فيمن يزوج ابنته بمبلغ كبير، لا تتزوج إلا بشاب تعرفت عليه عبر معاكسات


الفتوى رقم (9030) من المرسل السابق، يقول: ظهر عندنا في قريتنا بعض الأمور المتعلقة بالزواج، فالرجل لا يزوج ابنته إلا بطلب مبلغ كبير يدعي أنه ينفق عليها من أجل تجهيزها للزواج، ولا يزوجها إلا بشاب تعرف عليها عن طريق المعاكسات ونحو ذلك فما نصيحتكم؟

 الجواب:

        أولاً: من ناحية المعاكسات التي تحصل بين الرجال والنساء، من المعلوم أن هذه المعاكسات وسيلة يراد منها التوصل إلى الوقوع في عرض المرأة، أو أن المرأة نفسها تريد الحصول على عرض الرجل؛ لأنه كما أن الرجل يعمل معاكسات ففيه نساء يعملن معاكسات، هذه الوسيلة تؤدي إلى غاية كما ذكرت والغاية محرمة، ومن قواعد الشريعة: أن الوسائل لها حكم الغايات، ولهذا الله -عزوجل- قال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}[1]؛ لأن إطلاق البصر بالنظر إلى ما حرم الله وسيلة إلى الوقوع فيه، وقال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}[2] فمنع الرجل من هذه الوسيلة، ومنع المرأة من هذه الوسيلة، وكذلك قوله تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}[3].

        فالمقصود أن الله -عزوجل- سد جميع الوسائل التي تودي إلى افتنان الرجل بالمرأة وافتنان المرأة بالرجل، والمعاكسات الحاصلة الآن وكثيرة مما يؤسف له هي وسيلة ينشأ عنها مالا تحمد عقباه.

        وبناءً على ذلك فلا يجوز للرجل أن يعمل هذا، ولا يجوز للمرأة.

        أما بالنظر إلى الزواج الذي حصل إذا كان مترتب على هذا الأمر، حصل زواج ولم يحصل أمر محرم، فالزواج صحيح إذا توفرت أركانه وشروطه وانتفت موانعه.

        أما بالنظر لما يتعلق بغلاء المهور، فلا شك أن الرسول ﷺ قال: « إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير »، وقال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}[4].

        فلا يُنظر إلى الرجل من ناحية الغنى، ولا يجوز للرجل أن يتشدد في طلب المهر إذا جاءه رجلٌ صالحٌ مرضي في دينه وفي أمانته.

        ومما يؤسف له التوسع في اشتراط الآباء والأمهات وربما بعض الإخوان إذا كان الأخ هو الولي أو العم إذا كان هو الولي يشترطون لأنفسهم أموراً؛ يعني: مبالغ من النقود، وهذا لا شك أنه يثقل كاهل الزوج وقد يمتنع عن الزواج، وكذلك بالنظر إلى الحفلات التي تقام في المحلات التي يحصل فيها الزواج مثل الفنادق ومثل قصور الأفراح فيحصل فيها من الأمور المنكرة مالا يعلمه إلا الله، وقد يؤذن الفجر وهم يعملون منكرات من الأغاني وما إلى ذلك، وهذا القصر بالنظر إلى أرضيته يحتاج إلى تكلفة، وبالنظر للمغنين والمغنيات يحتاج أيضاً إلى تكلفة، وهذه تكلفةٌ في أمور محرمة، فيكون آثم في ذلك حتى صاحب القصر إذا كان يعلم أنهم يفعلون فيه هذه المنكرات، فإنه لا يجوز له أن يؤجرهم، وإذا حصل على الأجرة منهم وهو يعلم ذلك فإنها حرامٌ عليه؛ لأن هذا من الإعانة على الإثم والعدوان.

        وقد حدثني شخصٌ قال: إن أخاه تزوج وإنه ذبح خمساً وثمانين ذبيحة بالإضافة إلى بعير، ولا شك أن هذا من الإسراف المنهي عنه يعني المحرم.

        فعلى أولياء أمور النساء أن يتقوا الله -جل وعلا- هذا من جهة، وعلى أمهات النساء تقوى الله -جل وعلا-، وعلى المرأة المخطوبة أن تتقي الله -جل وعلا- أي أنهم لا يفرضون فروضاً تثقل كاهل الزوج هذا من ناحية، ولا يطلبون أموراً مخالفةً للشرع؛ لأن تجنب الأمور المخالفة للشرع وتسهيل أمر الزواج، هذا قد يترتب عليه حصول الوفاق بين الزوجين، وحصول البركة في حياتهما من ناحية الدين، ومن ناحية الدنيا، ومن ناحية الأولاد مستقبلاً، وبالله التوفيق.



[1] من الآية (30) من سورة النور.

[2] من الآية (31) من سورة النور.

[3] من الآية (31) من سورة النور.

[4] من الآية (32) من سورة النور.