Loader
منذ سنتين

هل الشرك يغفره الله أيّا كان نوعه قولاً كان أو فعلاً، تعمداً كان أو غير تعمد إذا تاب صاحبه وأقلع عنه؟ وكيف تكون التوبة التي تُغفر بها جميع الذنوب؟


الفتوى رقم (10551) من المرسلة ع.ز. ت، من الجزائر، تقول: هل الشرك يغفره الله أيّا كان نوعه قولاً كان أو فعلاً، تعمداً كان أو غير تعمد إذا تاب صاحبه وأقلع عنه؟ وهل الآية في سورة الزمر: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ}[1] إلى آخر الآية تشمل مغفرة كل الذنوب وكل العصاة إذا تابوا وأقلعوا؟ وكيف تكون التوبة التي تُغفر بها جميع الذنوب؟ نرجو الإفادة.

الجواب:

        الذنوب تختلف درجاتها:

        فمنها ما ينافي أصل الإيمان، ومنها ما ينافي كمال أصله، ومنها ما ينافي كمال ثوابه الواجب، ومنها ما ينافي كماله المستحب.

        فالشخص عندما يقترف شركاً أكبر أي نوع من أنواع الشرك، أو كفراً أكبر أي نوع من أنواع الكفر الأكبر، أو نفاقاً أكبر أي نوع من أنواعه، ويتوب من هذا الذي ارتكبه فهو داخل في عموم قوله -جلَّ وعلا-: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[2]، ويقول في سورة الأنفال: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[3].

        والآيات والأحاديث في هذا الموضوع كثيرة. والتوبة من حقوق الله -جلَّ وعلا- لها شروط ثلاثة: الإقلاع من الذنب، والندم على فعله، والعزم على ألا يعود إليه. وكما أن هذا شامل لما ينافي الأصل فهو شامل لما ينافي كمال الأصل؛ وكذلك ما ينافي كماله الواجب.

        فالتوبة تجبّ ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

        أما إذا مات الإنسان على نوع من أنواع الكفر الأكبر، أو الشرك الأكبر، أو النفاق الأكبر؛ فإن هذا لا يدخل تحت المغفرة؛ أما إذا ارتكب شركاً أصغر فالشرك الأصغر لا يُغفر؛ لكن صاحبه إما أن يدخَله الله النار ويطهّره، أو يأخذ من حسناته بقدر الشرك الذي ارتكبه ويدخله الجنة.

        أما بالنظر لكبائر الذنوب؛ مثل: الزنا، والسرقة، وشرب الخمر وما إلى ذلك، فهذه إذا مات الإنسان عليها ولم يتب فإنها تحت مشيئة الله إن شاء عفا عن صاحبها، وإن شاء عذبه.

        والتوبة إذا كانت من حقوق المخلوقين فهي كذلك؛ يعني: فيها الشروط الثلاثة؛ لكن إذا كان حق المخلوق ماليّاً وجب رده عليه، وإذا لم يكن ماليّاً فإنه يستبيحه، وإن تعذّر عليه الرد أو تعذّرت عليه الاستباحة فإنه يتصدق بالمال على نية صاحبه ويدعو له فيما انتهك من عرضه. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (53) من سورة الزمر.

[2] الآية (53) من سورة الزمر.

[3] من الآية (38) من سورة الأنفال.