Loader
منذ سنتين

المراد بقاعدة (لا ضرر ولا ضرار)، وقاعدة (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)؟


الفتوى رقم (6427) من المرسلة السابقة، تقول: ما المراد بقاعدة (لا ضرر ولا ضرار)، وقاعدة (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)؟

الجواب:

        (لا ضرر ولا ضرار) هذا نص حديث عن الرسول ﷺ وهو يشتمل على أمرين:

         أما الأمر الأول فهو (لا ضرر): وكلمة (ضرر) نكرة في صياغ قوله: (لا)، وعلى هذا الأساس فإنها تكون عامة، ومعنى العموم -هنا- هو نفي جميع صور الضرر على وجه الابتداء؛ يعني: إنه لا يجوز إيقاع الضرر ابتداءً. ولا فرق في ذلك بين الضرر الذي يُوقعه الشخص على نفسه أو يُوقعه على غيره، وهذا الغير لا فرق فيه بين أن يكون على فرد أو يكون على وجه العموم.

        وعلى هذا الأساس هناك ضررٌ يقع على إنسان في نفسه؛ مثل القتل العمد، أو التعدي على جزء من أجزاء بدنه؛ لأنه لا يملك نفسه. ومثل التعدي بطريق السرقة، والتعدي بطريق الزنا إلى غير ذلك من الوجوه؛ فكلّ هذا داخل في عموم هذه الكلمة. فالمقصود أن جميع أنواع الضرر لا يجوز فعلها؛ هذا بالنظر إلى كلمة (لا ضرر).

        وأما الأمر الثاني فهو قوله: (ولا ضرار) كلمة: (لا ضرار) -أيضًاً- نكرة في سياق قوله: (لا)، ومعنى ذلك أن الشخص إذا كان له حق على شخص وأراد أن يستوفي حقه فإنه لا يجوز له أن يتعدى ويأخذ أكثر من حقه. يوضح ذلك -قوله تعالى-: "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ"[1]، وقوله -تعالى-: "وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا"[2]. ولا فرق في ذلك بين أن يكون الحق خاصاً أو عاماً، ولا فرق في ذلك بين أن يكون المقتصُ له ولاية خاصة أو له ولاية عامة.

        وأنصح السائلة وكذلك من يرغب الاطلاع على هذا الحديث بوجه موسع أن يرجع إلى القاعدة الفقهية التي نص عليها المؤلفون في قواعد الفقه، وهي قاعدة (الضرر يزال)، وهذه القاعدة موجودة في كتاب (الأشباه والنظائر) للسيوطي، وفي كتاب (الأشباه والنظائر) لابن نجيم، وتُوجد -أيضاً- في ضمن كتاب (رفع الحرج)، وبعض العلماء يذكُرها ضمن قاعدة المشقة تجلب التيسير.

        وأما الشق الثاني من السؤال وهو قول العلماء: (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) بيان ذلك: أن الدليل من القرآن أو من السنة يأتي عامًا ويبقى على عمومه، ويأتي خاصًا ويبقى على خصوصه، ويأتي على سبب خاص لكنه يكون عاماً، فقد يُنظر إلى قصر هذا العام على صورة السبب. والقاعدة المقررة أن الدليل إذا ورد بلفظ عام لكنه على سبب خاص؛ فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ما لم ترد قرينة دالة على قصر هذا العام على صورة السبب. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (126) من سورة النحل.

[2] من الآية (40) من سورة الشورى.