Loader
منذ سنتين

حكم الغش في الامتحان


  • فتاوى
  • 2021-12-12
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (3701) من مرسلة لم تذكر اسمها، تقول: ألاحظ أن بعض زميلاتي يقمن بالغش في الامتحان، وعندما أنصحهنّ إما يستهزئن بي، أو يقلن هذه المرة ونتوب؟

الجواب:

الغش لا يختص بالامتحان، فالشخص يكون مسؤولاً عن أمر من الأمور، ولا ينصح في هذا الأمر الذي وُكل إليه، فقد يزيد عن الحقيقة، وقد ينقص عن الحقيقة، وقد يُستكتم ويُفشي السر، فالغش بابه واسعٌ، يكون في الأقوال، ويكون في الأفعال.

ومن الظواهر أن يكون الغِش من المدرّس نفسه؛ بمعنى: إنه يُلقّن الطالب الجواب، وكذلك الطالب يغش فيأتي بمعلومات يخفيها معه ويظهرها عند الحاجة للاستفادة منها. أو أن المراقب قد يكون غير المدرّس ويريد أن يتقرب إلى هذا الطالب لأمرٍ ما من الأمور، فيسأل الطالب هذا المراقب عن جواب مسألةٍ من المسائل ويجيبه. وقد يكون الغش من طالبٍ لطالب؛ بمعنى: إن طالباً يستشكل في الامتحان مسألة، فيسأل زميله الذي بجانبه، أو الذي أمامه، أو الذي خلفه، وذاك يجيبه بإشارةٍ يعرف منها الجواب. فالغش قد يكون من الطالب نفسه، وقد يكون من المدرّس، وقد يكون من المراقب، وقد يكون من طالبٍ آخر.

 وكذلك الغش في الوظيفة؛ بمعنى: إن الشخص يكون موظفاً ويغش في وظيفته، فلا يؤديها على الوجه الأكمل، والرسول -صلوات الله وسلامه عليه- يقول: « من غشّنا فليس منا ».

والغش يكون في المحلات التجارية؛ بمعنى: إنك تأتي صاحب محلٍ تجاريٍ لبيع الأقمشة، وتستنصحه في القماش، فيعطيك غير الحقيقة، إما من ناحية السعر، وإما من ناحية البضاعة، فتسأله هل هذه البضاعة الفلانية؟ يقول لك: نعم، وليست هي. أو أنك تستنصحه وتقول: أريد بضاعةً طيبة، فيعطيك بضاعةً رديئة، فهذا من الغش، أو يعطيك من الأقمشة القديمة المحروقة، ولا يتبين الحرق بها إلا إذا جئت إلى البيت، حينئذٍ يكون الغش عند هؤلاء، وهذا عامٌ لجميع أصحاب المحلات التجارية.

أما أصحاب الأطعمة فهم يغشون؛ بمعنى: إنه يجعل نوعاً من القمح طيّباً في أعلى المحل المعد للعرض، ويجعله بُرّاً رديئاً، أو أنه يطحن بُرّاً جيداً مع بُرٍ رديءٍ جداً، ويبيع هذا الذي طحنه بقيمة الطيّب. أو يطحن شعيراً مع بُرٍّ، ويبيعه على أنه بر، ويطحن ذرة مع بُرٍّ، ويبيعه على أنه كذلك. وكذلك الذين يُعطون النحل سكراً تأكله، ويبيعونه على أنه عسلٌ أصلي، أو يخلطون العسل بالدبس الذي يستخرج من التمر. وكذلك الذين يبيعون الدهن في الأسواق، يخلطون دهن الإبل بدهن الغنم، ويبيعونه على أنه سمن غنم. وبعضهم يذوّب البطاطس ويجعله في أسفل الإناء الذي فيه سمن، ويبيعه على أنه سمنٌ ممتاز.

وأنا أقصد من التوسع في ذكر هذه الأمثلة أن مسألة الغش ليست خاصة بمسألة الامتحان، وإنما هي موجودةٌ في جميع المجالات عند من لا يخاف الله، ولا يراقبه، ولا يتقيه.

فعلى المسلمين أن يتقوا الله -جلّ وعلا- وأن يأخذوا بالقاعدة النبوية: « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ». وبالله التوفيق.