Loader
منذ سنتين

نصيحة للمدرس وللمربي


الفتوى رقم (3652) من المرسل أ. ع، من الرياض، يقول: ما نصيحتكم للمدرس والمربي؟

الجواب:

لا شك أن الشخص عندما يكون مسؤولاً عن فرقةٍ من الطلاب إذا كان رجلاً، ومن النساء إذا كانت امرأة، على اختلاف مراحل التعليم، من ابتدائي، ومتوسط، وثانوي، وعالٍ، ودراسات عُليا، لا شك أنهم أمانة في عنقه، والرسول ﷺ يقول: « كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته، والرجل راعٍ في بيته مسؤول عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها ومسؤولةٌ عن رعيتها، والعبد راعٍ في مال سيده مسؤول عن رعيته، ألا وكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ».

فإذاً هذا القائد لهذه الفرقة راعٍ لهم، وإذا كان الإنسان راعياً، فإنه يجب عليه أن يرعى هذه الرعية بأداء الأمور التي يجب عليه أن يؤديها لها من ناحية التعليم كمّاً وكيفاً، وكذلك من جهة التوجيه؛ لأن بعض المدرسين يكون خاصاً في التدريس، ولا يمت إلى التربية بصفةٍ أصلاً، وإنما يحشو أفكار الطلاب بمعلومات؛ ولكنه لا ينبههم على الأمور التي ينبغي أن يسلكوها؛ سواءٌ مع مدرسيهم، أو مع مدير المدرسة، أو مع أولياء أمورهم من أم أو أب أو أخ؛ وكذلك سائر الأقارب، وكذلك لا ينبههم على ما ينبغي أن يسلكوه في تعامل بعضهم مع بعضٍ كزملاء، ولا ينبههم على الأمور التي ينبغي أن يتنبهوا لها في معاملة أفراد المجتمع، وعندما يحصل شيءٌ منهم من المخالفات لا يعبأ بذلك؛ بل تمر هذه المخالفة وكأنها لم تقع، وإذا حصل منهم تقصيرٌ فكذلك لا ينبّه على ذلك. والمفروض أن يكون معلّماً من جهة، ومربياً من جهةٍ أخرى، فإن الطالب يثق في مدرسه، وينظر إليه ويتأثر به أكثر مما يتأثر بأبيه، أو بأخيه، أو بسائر أقاربه، أو في أي فردٍ من أفراد المجتمع. وإذا كان الأمر كذلك فواجب على المربي أن يسلك هذا المسلك؛ أي: يكون معلّماً من جهة، ومربياً من جهةٍ أخرى.

ومما يحسن التنبيه عليه في هذا المقام، وهو أمرٌ مهمٌ جداً، أن بعض المدرسين يختصرون بعض المقررات اختصاراً مخلاً، يملون مذكرة على الطلاب ويجعلونها بديلاً عن المقرر، لماذا؟؛ لأنه ليس عليه رقيب، ولأنه هو الذي يضع الأسئلة، فلا يشترك معه أحدٌ في وضع الأسئلة، ولا تؤخذ الأسئلة منه وتطبق على المقرر؛ بل هو الذي يضع الأسئلة من المذكرة، وهو الذي يصحح أجوبة الطلاب، ولا شك أن هذا نوعٌ من الخيانة؛ لأن الجهات المسؤولة عندما تضع منهجاً من جهة الكم، وكذلك تفصل هذا المنهج، فما فائدة ذلك مادام المدرس قد وضع لنفسه منهجاً، ووضع العناصر من جهة، وأتى بكلامٍ لهذه العناصر، فصار المنهج المقرر من الجهات المسؤولة لا قيمة له، وبالتالي يخرج الطالب ضعيفاً.

وقد يضع المدرس مُذكرةً في أول سنةٍ من سني تدريسه، وتستمر هذه المذكرة تتداول بين الطلاب مادام هذا المدرس موجوداً.

وفيه تنبيهٌ آخر: كما أن هذا من ناحية المدرس، فكذلك واجبٌ على الطلبة أن يحترموا مدرّسهم من جهة، وأن يحرصوا على تلقي العلم عنه من جهةٍ أخرى، أن يصبروا على ما قد يحصل منه من غضبٍ؛ لأنه قد يتسبب بعض الطلاب في إغضابه، وبعد ذلك يحصل منه ما لا تحمد عقباه من الكلام؛ لأنه بشر. وبالنظر للمدرس فعليه أن يتحمّل أخطاء الطلاب؛ ولكن عليه مع التحمل أن يعالجها بالتي هي أحسن، وبهذه الطريقة يكون أباً، والطلاب يكونون له أبناء، وتكون النتيجة حسنة من ناحية التربية، ومن ناحية التعليم، وتبقى صورته الحسنة في أذهانهم، يطبقونها مستقبلاً عندما يقوم الواحد بمهنة التدريس، ويدعون له عندما يحسن إليهم، ويدعون عليه عندما يسيء إليهم. وبالله التوفيق.