Loader
منذ سنتين

ما رأيكم بمن يسابق في شراء الأسهم، ويحرص على الدنيا، وينسى أمور دينه؟


  • الوسطية
  • 2022-02-12
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (11393) من المرسل السابق، يقول: ما رأيكم بمن يساهم ويسابق في شراء الأسهم، ويجتهد في الحرص على الدنيا، وينسى أمور دينه والدعوة إلى الله. يحزن لذهاب بعض الأموال ولا يحزن لفوات صلاة؟

الجواب:

        الله -سبحانه وتعالى- قرر قاعدة في القرآن، وذكر أدلة لهذه القاعدة، كما في قوله -تعالى-: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}[1]، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}[2] إلى غير ذلك من الأدلة التي جاءت في القرآن؛ وكذلك الأدلة التي جاءت في السنة.

        وهذه القاعدة هي الوسطية، والوسطية لها نظر كلي من ناحية الشريعة، ولها نظر من ناحية الشخص في أمور دينه فقط، وفي أمور دنياه فقط، وفي أمور دينه وأمور دنياه جميعاً.

        فعندما يعمل الإنسان في أمور دينه، ويجعل بعضها يطغى على بعض. مثلاً يكثر من الصلاة وهذه الصلاة تعوقه عن أمور دينية أخرى. سئل عبدالله بن عمر: لماذا لا يصوم الإثنين والخميس وأيام البيض؟ فقال: إن الصيام يشغله عن القرآن. والأشخاص الذين أتوا إلى الرسول ﷺ منهم من لا يتزوج النساء، ومنهم من لا يفطر، ومنهم من لا يأكل اللحم، ومنهم من يصلّي ولا ينام. فالرسول بيّن لهم أنه يأكل اللحم، وأنه يصوم ويفطر، وأنه ينام ويقوم، وأنه يتزوج النساء، وقال: « من رغب عن سنتي فليس مني ».

        وعلى هذا الأساس لا بدّ للشخص أن يوازن بين أمور دينه فقط؛ سواء كانت أمور الدِّين من الأمور الواجبة، أو كانت من التطوع. فعلى سبيل المثال من الأمور الواجبة: بعض الناس عندما يصلّي في الجماعة تجد أنه يطيل إطالة تملل الشخص، ولهذا بعض الناس عندما ينصح يقول: من أراد أن يصلّي معي فليصلِّ، ومن لم يرد فليذهب إلى مسجد آخر. وإذا نظرنا إلى محل المسألة من الشريعة وجدنا أن الرسول ﷺ يقول: « إذا أمّ أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم المريض » فيعمل التخفيف؛ وهكذا لو أن الإنسان استمر على الصيام مثلاً وما إلى ذلك؛ فالمهم أنه يعمل موازنة بين هذه الأمور الدينية.

        إذا نظرنا إلى الأمور الدنيوية وجدنا أن الإنسان قد يغرق في أمر من أمور الدنيا ويترك الأمور الأخرى، يشتغل في التجارة وينسى مسؤوليته من ناحية أولاده وزوجته من ناحية التربية والتعليم، والقيام بحقوقهم الواجبة عليه.

        وإذا نظرنا إلى الجمع بين الأمرين بين أمور الدنيا وأمور الدِّين وجدنا أن بعضهم يهمل أمر الدنيا نهائياً ويشتغل في أمور الدِّين. ووجدنا بعضهم يشتغل في أمور الدنيا وينصرف عن الدِّين، فإن شخصاً يقول: إنه ليس عنده وقت من أوقاته يصلّي فيه الفرائض. لا يصليها مع الجماعة يصليها ولو في بيته، فتمكن منه شغل الدنيا إلى درجة أنه ترك الفرائض.

        فلا بدّ أن يعمل الشخص موازنة بين أمور دينه فقط فيما بينها، وبين أمور دنياه فقط فيما بينها، وبين أمور دينه ودنياه؛ بحيث إنه لا يحصل ضرر على شيء منها في مقابل الإغراق في جانب آخر. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (110) من سورة الإسراء.

[2] الآية (67) من سورة الفرقان.