ما الحكمة في أن الله -تعالى- لا يسمع الثقلين من يعذبون في قبورهم؟
- البرزخ وعذاب القبر ونعيمه
- 2022-02-21
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (9918) من المرسلة السابقة، تقول: ما الحكمة في أن الله -تعالى- لا يسمع الثقلين من يعذبون في قبورهم؟
الجواب:
الله -سبحانه وتعالى- حكيم، ومن الحكمة أنه يضع الأمور في مواضعها، وهذا عامٌ في سنن الله الكونية وفي سننه الشرعية، والرسول ﷺ حينما حصلت وقعة بدر وألقي القتلى في البئر، وقف الرسول ﷺ على شفير البئر وخاطبهم وقال لهم: « هل وجدتم ما وعد ربكم فإني وجدت ما وعدني ربي؟ » فقال له عمر -رضي الله عنه-: هل يسمعون؟ قال: « ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا »[1]. يعني: إنهم يسمعون أقوى من سمعكم، ولكنهم لا يتكلمون. فالله -سبحانه وتعالى- جعل نبيه ﷺ له هذه الخارقة، ومنع سمع عمر ومن كان مع الرسول ﷺ من الصحابة أن يسمعوا الجواب الذي يقولونه؛ وهكذا بالنظر لما يقع في القبور من نعيمٍ أو من عذابٍ، فإن الله -سبحانه وتعالى- حجبه من الخلق إلا إذا كان هناك بعض الرؤى، والرسول ﷺ قد أطلعه على قبرين حينما زار وأخذ جريدة وشقها شقين، وركز على كل قبرٍ منها شقاً منها وقال: « لعله يخفف عنهما ». وذكر « أنهما يعذبان وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة ، وأما الثاني فكان لا يستنزه من البول ». فالرسول ﷺ أسمعه الله هذا العذاب، ومن معه لم يسمعه، وهذا لحكمة من الله -جل وعلا-؛ لأن الإنسان يموت والده، تموت والدته، يموت ابنه، يموت قريب من أقاربه قد ينعّم وقد يعذّب، فلو سمع ما يحصل عليه من العذاب لشق عليه ذلك، ولكن إخفاء الله -جل وعلا- هذا لحكمة. وبالله التوفيق.
[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر(2/98)، رقم (1370)، ومسلم في صحيحه، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه(4/2203)، رقم(2874)، واللفظ له.