Loader
منذ سنتين

نصيحة للزوجين بسبب كثرة الخلاف والطلاق


الفتوى رقم (3222) من المرسل السابق، يقول: لقد كثر تطليق الرجال للنساء، وكثر الخلاف بين الزوجين، فهل من نصيحة؟

الجواب:

الرجل قد يمكث مدةٍ من الزمن يجمع مالاً من أجل أن يتزوج به. وعندما يتيسر له أمر الزواج قد يكون هناك خلافاتٌ بين الزوجين، قد تكون ناشئةً من الزوج، وقد تكون ناشئةً من الزوجة، وقد تكون الأسباب ناشئةً منهما جميعاً.

والذي ينبغي -في هذا المقام- أن الشخص عندما يتزوج، ينبغي أن يرشد زوجته إلى الأمور التي يجب أن تفعلها معه فيما يتعلق بنفسه، وفيما يتعلق ببيته، وفيما يتعلق بأسرته: بأمه، وأبيه، بإخوانه، وأخواته. فيحصر لها الأمور التي ينبغي لها أن تفعلها، ويحصر لها الأمور التي ينبغي أن تتركها، وإذا حصل منها تقصيرٌ في أي واحد من الجانبين، فعليه أن ينبّهها بالتي هي أحسن.

وكذلك هي ينبغي أن تنبّهه للأشياء التي تريد أن يفعلها بالنسبة لها، ولأبيها، ولأمها، ولأسرتها بوجهٍ عام. وما ينبغي له -أيضاً- أن يفعله في بيته. وعندما يحصل منه تقصيرٌ في جانبٍ من الجوانب، فينبغي أن يحصل تفاهمٌ في هذا الجانب الذي حصل فيه التقصير، ويعالج بالتي هي أحسن. وبهذه الطريقة يسير الزوجان على طريقٍ سليم؛ لأن كلّ واحد منهما فهم الآخر.

أما إذا عاشا في غموض، وكلّ واحد لا يفهم الآخر، ستبدأ المشاكل من ليلة الزواج وتستمر، وقد لا تنتهي؛ لأن كلّ واحد منهما لم يفهم الآخر، ولم يفهم ما يريده منه، وحينئذٍ تستمر المشاكل، وقد تؤدي إلى الطلاق. هذا جانب.

الجانب الثاني: إن بعض الناس قد يكون غنياً، ولا يبالي إذا حصل أدنى خلافٌ بينه وبين زوجته، وقد أنجبت منه أولاداً لا يبالي بالطلاق؛ لأنه يتصوّر في نفسه أنه قادرٌ على الزواج، فلا يقدّر مشاعر المرأة، ومشاعر أسرتها، وأنهم ضحوا بهذه الفتاة لهذا الشخص، ولا يقدّر ما قد يعود على أولاده بالضرر وسوء التربية. فإنه إذا طلقها ومعها أولاد وتزوج، فإن زوجته الجديدة لن تحتمل الأولاد، ولن تقوم بتربيتهم.

وأمهم إذا تزوجت، فإن زوجها لن يقبل أولاداً يأتون إلى بيته، ويقوم بتربيتهم، وهم ليسوا بأولاده.

فينبغي لهذا الشخص أن يفكر تفكيراً جدياً، ولا يصدر منه الطلاق، إلا إذا حصل ما يغضب الله-جلّ وعلا-، كأن تُدخِل المرأة في بيته ما لا يرضاه، أو تكون تاركةً للصلاة أو للصيام، أو غير ذلك من الأمور التي لا يجوز له أن يصبر عليها.

وقد يكون من الرجال من الذواقين الذين يتذوقون النساء، تكون عنده وفرةٌ من المال، فيتزوج اليوم، ويطلق بعد شهرٍ، أو شهرين، وذلك من أجل الحصول على زوجةٍ أخرى، ولا شك أن هذا من باب العبث في بنات الناس، وقد يرزق من هذه بولدٍ، ومن هذه ببنتٍ، فيكون سبباً للمشاكل بالنسبة للنساء، وبالنسبة للأولاد، وقد يضر المجتمع عندما يحصل تشتتٌ في الأولاد.

ومن الناس من يكون المهر من غيره؛ ككون الأب غنياً ويزوج ولده، والولد عندما يتزوج يكون المال من أبيه، قد لا يقدّر الحياة الزوجية، فعندما يحصل خلافٌ بينه وبين زوجته يريد أن يثبت شخصيته أمام زوجته فيقوم بتطليقها، وقد تكون أنجبت منه أولاداً؛ لأنه والحال كما ذكر يتصور في نفسه أنه إذا طلقها فإن أباه سيزوجه زوجةً أخرى.

وقد تكون مشاكل الطلاق ليست ناشئةٍ عن الزوج، قد تكون ناشئةً عن والد الزوج؛ كإجباره له بالطلاق، أو ناشئة عن أم الزوج أو أبيها، أو أم الزوجة، وقد تكون ناشئةً من أشخاصٍ من الخارج؛ كأخت الزوجة، أو أخي الزوج.

فالمهم إن المشاكل التي تحدث قد تنشأ من أحد الزوجين، أو منهما جميعاً، وقد تكون ناشئةً من أي قريبٍ من أقاربهما، وقد تكون ناشئةً من شخصٍ بعيد، وقد يكون الطلاق على سبيل العبث.

فعلى الشخص إذا تزوج أن يتقي الله -جلّ وعلا- في نفسه، وأن يتقي الله في المرأة التي أخذها، وألا يطلقها إلا بسببٍ شرعيٍ يعذره الله -جلّ وعلا- بمقتضاه؛ لأنه إذا طلقها بدون سببٍ شرعيٍ، فقد يُعاقبه الله -جلّ وعلا- بعقوبةٍ عاجلة أو آجلة. وبالله التوفيق.