معنى: « من دعي إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه، فالجنة عليه حرام »، وحديث: « ليس من رجلٌ ادعى لغير أبيه وهو يعلم إلا كفر »
- الضروريات الخمس
- 2022-05-07
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (3876) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: ما معنى هذين الحديثين ؛ الحديث الأول: « من دعي إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه، فالجنة عليه حرام »، أو كما جاء عن الرسول ﷺ.
الجواب:
هذا الحديث وما جاء في معناه: لا بد من التنبيه على أصل شرعيٍ، وهذا الأصل هو: أن من قواعد الشريعة حفظ الأنساب، والأنساب محفوظةٌ من جهة التشريع، وذلك بمشروعية الزواج، ومشروعية ملك اليمين، وتحريم الزنا، والأدلة على هذا كثيرة ومعلومة لا حاجة لذكرها.
وبما أن هذا الأصل مقرر، فحينئذ عندما يتصرف شخصٌ بتصرفٍ يكون فيه افتيات على هذا الأصل، يتوجه إليه هذا الوعيد. فمن انتسب إلى غير أبيه وقال: أنا أبي فلان، مع أنه في واقع الأمر أبوه فلان الفلاني، فأعرض عن أبيه، وانتسب إلى غير أبيه، أو أنه لا يكون ابناً شرعياً، فينتسب إلى أبٍ ليس هو في الواقع أباً له، أو أن شخصاً ينسب فلاناً، فيقول: فلان ليس ولد فلان، فهذا يتوجه إليه هذا الوعيد الشديد، وذلك من أجل وضع الأمور في مواضعها من جهة صدورها من المكلفين؛ لأنهم مأمورون بتطبيق الشريعة، وعندما تصدر منهم هذه الأمور لا بد أن تكون مطابقةً لمقاصد الشريعة. وبالله التوفيق.
الحديث الثاني: يقول: « ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلم إلا كفر، ومن ادعى ما ليس له، فليس منا وليتبوأ مقعده من النار، ومن دعا رجلاً بالكفر، أو قال: يا عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه »[1].أو كما جاء عن الرسول ﷺ.
الكلام في هذا كالكلام فيما سبق بالنسبة لمن ادعى إلى غير أبيه.
أما من قال لشخصٍ: يا كافر، أو يا عدو الله، فيُنظر هل هذه الكلمة تتحقق فيمن وجه إليه الخطاب، فإذا كان كافراً، أو كان عدواً لله -جل وعلا- فقد وضع الكلام في موضعه؛ لكن إذا زعل على شخص، ولو كان من الأشخاص الذين تحت يده، كخادمه، فقال له: يا كافر. أو قال له: يا عدو الله، وليس الأمر كذلك ليس كافراً، وليس عدواً له، فإن هذا يكون ضرره على المتكلم بهذه الكلمة وهذه الأحاديث، وكذلك الأحاديث السابقة كلها من أحاديث الوعيد، وأحاديث الوعيد تمرّ كما جاءت. وبالله التوفيق.
[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المناقب(4/180)، رقم(3508)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم(1/79)، رقم (61).