قوله تعالى: {وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} بعض الناس ينطلق تحت هذه الجزئية من الآية ويريد الانفلات من القيود فنرجو التوجيه والنصح
- فتاوى
- 2021-12-28
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5041) من المرسل السابق، يقول: قوله تعالى: {وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}[1] بعض الناس ينطلق تحت هذه الجزئية من الآية ويريد الانفلات من القيود فنرجو التوجيه والنصح.
الجواب:
أن الشخص إذا كان مطيعاً لله جل وعلا بفعل أوامره، وبترك ما حرمه الله جل وعلا، قد يعترضه ما يسوؤه مما يسمعه من شياطين الإنس؛ لأن شياطين الإنس من العوائق التي تعوق الإنسان عن السير سواءٌ أكان هذا السير في جزئية من جزئيات الشريعة في باب الواجبات أو في باب المحرمات أو كان أمراً عاماً، فيحصل منهم ما يسوء هذا المستقيم الذي يجاهد في سبيل الله بماله وبنفسه وكذلك يجاهد بلسانه يجاهد بقلمه فيسمعونه من الكلام ما قد يكون فيه تثبيطٌ له عن الاستمرار بالقيام بهذه المهمة، كالذي يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر ويعترضه شخصٌ، ويقول له ما الذي يخصك من هذا، أنت لست مسؤولاً المسؤول غيرك، ويسبه ويقول له أنت إنسانٌ لا تفهم، فهذا له موقفان:
الموقف الأول: ألا يغتر بهذا الكلام ويعلم أن المتصرف في هذا الكون جل وعلا، ولهذا يقول الرسول ﷺ في وصيته لابن عباس: « واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعت على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف »، وفي رواية أخرى: « واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطئك لم يكن ليصيبك »[2].
فحينئذ لا يلتفت إلى هذا الكلام، ويعلم أن الذي يستحق أن يخاف، وأن يرجى هو الله جل وعلا؛ لأنه هو المستحق للعبادة وهو القاهر فوق عباده.
أو أنه يكون ضعيف الإيمان وعندما يسمع هذا اللوم من الناس فإنه ينقاد لهذا اللوم، وقد يتوعدونه ويقولون إن استمررت على هذا الكلام فسنفعل وسنفعل، ولكنه لا يخاف إلا الله ولا يخاف هذا اللوم من الناس.
لكن ينبغي أن يعلم أن هذا الكلام الذي قيل إنما هو في شخصٍ يكون على بصيرةٍ من دين الإسلام، فيكون آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، عالماً بما يأمر به، عالماً ما ينهى عنه، بصيراً فيما يأمر به بصيراً فيما ينهى عنه، حكيماً فيما يأمر به وما ينهى عنه، وقد يتبين ذلك بالموازنة بين المصالح عند التعارض والمفاسد عند التعارض، والمصالح والمفاسد عند التعارض، فيرجح ما يستحق الترجيح. وبالله التوفيق.
[2] أخرجه أبو داود في سننه، كتاب السنة، باب في القدر(4/225)، رقم(4699)، وابن ماجه في سننه، كتاب الإيمان وفضائل الصحابة والعلم، باب في القدر(1/29)، رقم (77).