حكم حلق اللحية خوفاً من صاحب العمل
- فتاوى
- 2021-06-25
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (629) من المرسل ج، مصري، مقيم بالعراق، يقول: إن رئيسي في العمل قال لي: لابدّ أن تحلق لحيتك أو أطردك من العمل، وأنا خوفاً على ديني تركت لحيتي ولم أحلقها وطردني من العمل. والآن أصبحت في حيرة لأنني لم أجد عملاً أفضل من العمل الذي كنت فيه، فهل يصح لي أن أرجع ثانية وأحلق لحيتي أم لا؟
الجواب:
من المؤسف أن بعض الأشخاص أو بعض الشركات التي تأتي بعمّال يشتغلون بها أنها تفرض عليهم مخالفة الشريعة من أجل حصول أغراض هذه الشركة، وهذه الأغراض يعتبرونها مصالح لهم، وقد سأل بعض الأشخاص أن مدير شركة فرض على عمّال الشركة ألا يصلّوا؛ لأن الصلاة تشغلهم عن عمل الشركة، وهذا يقلل إنتاج الشركة؛ وهكذا في بعض المستشفيات في بعض البلدان يأتي بعض المسلمين يشتغلون في المستشفى فإذا رآهم مدير المستشفى يصلّون نبّههم، وإذا لم يمتثلوا فصلهم من العمل، وهكذا بالنسبة للحية بعض مديري الأعمال يفرضون على العمال التابعين لهم أنهم يحلقون لحاهم، ومن لم يحلق لحيته فإنه لا يقبل في العمل؛ يعني: لا يقبل ابتداءً، ولا يقبل استمراراً في حالة ما لو أعفى لحيته فإنه يفصل.
وهذا في الحقيقة مؤسف، وبيان ذلك أن حقوق الله المتعلقة بذمم المكلفين هذه مقدمة على حقوق المخلوقين في الأمثلة التي ذكرتها ونحوها من الأمثلة الأخرى، فتقديم حق الشركة من ناحية إشغال المكلفين وقت الصلاة عن الصلاة هذا تعدٍّ على الله في الحقيقة، وتعدٍّ على حق من حقوق الله -جلّ وعلا-، ففيه ضرر على المكلف من جهة، وتعدٍّ على حق الله من جهة أخرى؛ وهكذا بالنسبة لحلق اللحية، فاللحية جاء الأمر بإعفائها، وجاء النهي عن حلقها، والأمر يقتضي الوجوب، والنهي يقتضي التحريم؛ فواجب إعفاؤها، ولا يجوز حلقها، ولا أخذ شيء منها. وإذا حصل من شخص أمرٌ على ذلك؛ يعني: أُمر بحلقها، فقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق »؛ فلا يجوز لشخص أن يطيع مخلوقاً ويعصي الله -جلّ وعلا-. وإذا حسنت نية الشخص الذي حصل عليه مضايقة، وقد قام بحق الله -جلّ وعلا- امتثالاً لأمره، ورجاءً للثواب الذي عنده، وخوفاً من عقابه؛ فإن الله سبحانه وتعالى سيسهل أمره، قال تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ"[1]، وقال تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا"[2]، وثبت عن الرسول ﷺ أنه قال: « من ترك شيئا لله عوّضه الله خيراً منه ».
فعلى مديري الأعمال ومديري المستشفيات أن يتقوا الله في الأشخاص الذين تولوا أمرهم، وألا يضايقونهم عندما يريدون أن يقوموا بحق من حقوق الله -جل وعلا-، فإنهم إذا فعلوا ذلك من ناحية مضايقتهم فإن الله I عالم بكلّ شيء، ومطلع على كلّ شيء، وقادر على كلّ شيء، فهو قادر على أن يعاقب هذا المدير، قادر على أن يعاقبه في نفسه، وقادر على أن يعاقبه في ماله، وقادر على أن يعاقبه بالطريقة التي يراها، وبالقدر الذي يراه، وفي المكان المناسب والوقت المناسب؛ فليس الأمر -في الحقيقة- بين العامل وبين رئيسه؛ وإنما الأمر -في الحقيقة- بين رئيس العمل وبين الله -جلّ وعلا-، فعليهم أن يتقوا الله -جلّ وعلا- في أنفسهم، وفي من ولاهم الله أمره، وألا يتعرضونهم حينما يقومون بأداء حق من حقوق الله -جلّ وعلا- حتى يكون في ذلك بركة في العمل وتوفيق. وبالله التوفيق.