Loader
منذ سنتين

لدينا وقت واسع وأحتار في كيفية قضائه مع أنني أصوم وأقرأ القرآن وأصلي النافلة


  • فتاوى
  • 2021-12-27
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (4926) من مرسلة لم تذكر اسمها، تقول: لدينا وقت واسع وأحتار في كيفية قضائه مع أنني أصوم وأقرأ القرآن وأصلي النافلة ثم في نهاية رسالتها تقول: السلام على من اتبع الهدى، تفضلوا شيخ عبد الله بالتوجيه في الأمرين يحفظكم الله؟

 الجواب:

        الزمان ظرفٌ، والشخص مكلفٌ من جهة الله بفعل ما أُمر به وترك ما نُهي عنه، وهذا واضحٌ من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ.

        فيحتاج الشخص إلى أن يتعلم ما أُمر به يفعله وما نهُي عنه يتركه، يؤدي وظيفة كل يومٍ في وقتها فالصلوات الخمس يؤدي كل صلاةٍ في وقتها، ويؤدي الرواتب التابعة لها يصلي صلاة الضحى في وقتها، يصلي صلاة الليل، إذا أراد أن يتطوع يصلي بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء أو يكثر من صلاة الليل، ويكثر أيضاً من قراءة القرآن يجعل له طريقة كما كان الصحابة -رضي الله عنهم- لقد كانوا يحزبون القرآن؛ يعني: يقرؤونه، يقسمونه سبعة أقسام:

        ثلاثاً يعني ثلاث سور في الحزب الأول: البقرة، وآل عمران، والنساء. وخمساً، هذا هو الحزب الثاني من سورة المائدة إلى آخر سورة براءة. والحزب الثالث: سبعاً من سورة يونس إلى آخر سورة النحل. والرابع تسعاً من سورة الإسراء إلى آخر سورة الفرقان. والخامس: إحدى عشر من سورة الشعراء إلى نهاية سورة يس، والسادس: من أول سورة الصافات إلى آخر سورة الحجرات، والسابع: من أول سورة قاف إلى آخر القرآن.

        فإذا خصص الشخص لكل يومٍ حزباً، صار يختم القرآن في كل أسبوع، وإذا جعل حزباً أول النهار وحزباً في آخر النهار يختمه في ثلاثة أيام ونصف اليوم، وبعض الناس تكون له رغبة وقدرة ووقت فيختمه في ثلاثة أيام، وبعضهم يختمه في يومين وبعضهم في يوم واحد.

        فالشخص يحرص بقدر استطاعته على الاستفادة من قراءة القرآن، وبالإضافة إلى قراءة القرآن يقرأ تفسيراً من التفاسير المعتمدة وذلك من أجل معرفة معاني القرآن ومعرفة أسباب النزول ومعرفة الناسخ والمنسوخ ومعرفة أحكام القرآن وما إلى ذلك من الفوائد.

        وإذا كان عنده مزيد من الوقت فبإمكانه أيضا أن يقرأ في كتب السنة، ويقرأ أيضاً في كتب الفقه، وعندما يحصل عليه إشكال في قراءته بإمكانه أن يسأل أهل العلم على حسب من يتمكن من سؤاله.

        أما ما يفعله كثيرٌ من الناس من إضاعة الوقت أو من شغل الوقت بما يعود على الإنسان بالضرر ولا يفكر لذلك إلا بعد فترةٍ طويلة، وإذا جاء يوم القيامة ما من أحدٍ إلا ويندم، فالمحسنون يندمون على أنهم لم يكثروا من الإحسان، والمسيئون يندمون على ما حصل منهم من تفريطٍ في حياتهم الدنيا بحيث صرفوا وقتهم فيما يعود عليهم بالضرر.

        فعلى العاقل أن ينتبه لنفسه، وأن يحفظ وقته، وأن يصرف ما أعطاه الله من قوة بدنية وقوةٍ فكرية وقوةٍ عقلية، وما هيأ له من الرزق وما منحه من الصحة وما صرف عنه من الأمور التي تضره، قد صرفها الله جل وعلا عنه، وهذا كله من نعم الله جل وعلا فهو صاحب الفضل على جميع خلقه، يقول الله جل وعلا: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[1].

        فعلى العبد أن يشكر نعم الله عليه، ومن شكره لنعمة الله عليه أن يمتثل أوامره ويجتنب نواهيه وأن يسأله المزيد من فضله.

        وأما ما جاء في آخر الكلام: السلام على من اتبع الهدى، فالمقصود من هذا هو أن السلام إنما يكون على من سار على طريق الحق؛ لأن الناس في هذه الحياة منهم من يسير على طريق الحق ومنهم من يسير على طريق الضلال، يقول الله جل وعلا: بسم الله الرحمن الرحيم، {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)}[2]، فقوله: والسلام على من اتبع الهدى يعني السلام على من كان شاكراً، أما الكفور فتسأل له الهداية. وبالله التوفيق.

        المذيع: هل تنصحون المرأة إذا تعبدت وقرأت وحينئذ تحتاج إلى شيء من الترفيه، هل تنصحونها أن ترفه عن نفسها بشيء معين حتى تعود إلى العبادة والقراءة بنفس مشروحة؟

        الشيخ: النفوس تختلف، فمن النفوس من ترتاح بطاعة الله جل وعلا وترتاح بقراءة القرآن وترتاح بفعل الخير وتجنب الشر ويكون ذلك غذاءً لها، ولهذا يقول الرسول ﷺ: « أرحنا يا بلال بالصلاة »، ويقول ﷺ: « حبب إلي من الدنيا النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة »[3].

        ومن الناس من يكون غذاء روحه فيما حرم الله جل وعلا، سواءٌ أكان هذا الشيء المحرم مما يُسمع مثل الأغاني أو ما يبُصر مثل الافتتان بالنظر إلى النساء والمردان وما إلى ذلك، أو من جهة الكلام كالاشتغال بالغيبة والنميمة والبهتان وكذلك اتهام بعض المسلمين بغير حقٍ وما إلى ذلك، ومن الناس من يكون جامعاً بين هذا وهذا، يعني يفعل هذا تارةً ويفعل هذا تارة، فعلى الإنسان الحرص قدر استطاعته أن يسلك الطريق المستقيم. وبالله التوفيق.



[1] الآية (17) من سورة الحجرات.

[2] الآيات (1 - 3) من سورة الإنسان.

[3] أخرجه النسائي في سننه، كتاب عشرة النساء، باب حب النساء(7/61)، رقم (3940).