حكم عناد المعلمات والمخاصمة معهن لتفرقتهن بين الطالبات وحكم الغش بقصد المساعدة
- فتاوى
- 2021-07-12
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5841) من المرسلة أ.م. ز، تقول: ما حكم عناد المعلمات والمخاصمة معهن، لما أراه منهن من تفرقة بين الطالبات وظلمٍ وعدم عدل، هل العناد والمخاصمة للمعلمات حرام؟
الجواب:
هذه المسألة من المسائل المشتركة بين الطلبة والمدرسين وبين الطالبات والمدرسات، فالمدرس أو المدرسة كلٌ منهما مؤتمنٌ على أداء رسالته، وهي إيصال المعلومات المقررة إلى عقول الطلاب بطرقٍ سليمة وأمينة وكاملة وبنيةٍ حسنة وبحكمة، فلا يتصرف المدرس أو تتصرف المدرّسة في المادة إلا حسب ما يقتضيه النظام الذي وضع من جهة المادة؛ وكذلك من جهة منهج تعليم هذه المادة؛ بالإضافة إلى ذلك أن كلاً من المدرس والمدرّسة مؤتمنٌ على من عنده من الدارسين والدارسات مؤتمنٌ عليه من جهة التعامل معه وذلك بالعلاقة بينهما، فلا يسلك مسلك الإفراط ولا مسلك التفريط؛ وإنما يسلك مسلك العدل وهذا في جميع الطلاب مع المدرس وجميع الطالبات مع المُدرسة.
يضاف إلى ذلك أن كلاً من المدرس مع طلابه والمُدرّسة مع طالباتها كالطبيب مع المريض، فقد يحصل إساءة من الطالب على المدرس أو على واحدٍ من الطلاب، أو أن الطالب يسيء إلى نفسه أو إلى جهاز الإدارة أو إلى غير ذلك من وجوه موارد الإساءة؛ فينبغي على المدرس أن يعالج هذا الطالب وذلك إذا تكرر منه هذا الشيء فإنه يستدعيه بمفرده، ويسأله عن حياته وعن جميع ما يحيط به؛ لأن هذا الخروج عن حدود الأدب قد يكون له سبب فيعالج هذا السبب؛ فبالتالي يزول خروج هذا الطالب عن حدود الأدب، فقد تكون له مضايقة منزلية، أو من بعض الطلاب، أو غير ذلك من الأسباب. ومن جهةٍ رابعة فإن المدرس والمُدرّسة من ناحية التطبيق العملي مطلوب أن يتخلق بالأخلاق الفاضلة، فلا يتخلق بأخلاقٍ سيئةٍ أمام الطلاب ويطلب منهم أن يتخلقوا بأخلاقٍ حسنة، فإنه إذا تخلق بأخلاق سيئة من القول أو الفعل وطلب منهم أن يتخلقوا بأخلاقٍ حسنة انتقدوه فقالوا: كيف يُسيء سلوكه معنا ويطلب منا أن نسلك مسالك حسنة؟ فإذا توفرت هذه الأمور عند المدرس أو عند المدرّسة صار مؤدياً لرعايته التي ائتمنه الله عليها.
أما بالنظر للطالب مع المدرس فعليه أن يتقيد مع المدرس وذلك بامتثال ما يأمره به واجتناب ما ينهاه عنه، إذا أمره بما فيه مصلحة له، أو نهاه عمّا فيه مفسدة؛ فحينئذٍ يتقيد بامتثال هذا الأمر ويتقيد بالانتهاء عما نهاه عنه؛ لأن المدرس مفروضٌ فيه أن يكون ناصحاً أميناً، فإذا أمره أو نهاه عليه أن يتقيد بذلك.
وعلى الطالب -أيضاً- أن يؤدي الواجبات التي عليه، وعليه أن يتأدب بالآداب الحسنة مع مدرسه في القول وفي الفعل ومع زملائه فلا يتعدى على أحد.
ومن أهم الأمور التي ينبغي أن يُنبه عليها في هذا هو أنه قد يحصل تعاونٌ بين بعض الطلاب بالغش في الامتحانات الشهرية أو النصفية أو النهائية، وعندما يطلع المدرس على ذلك يثور هذا الطالب ويقول: إن المدرس قد ظلمه وما إلى ذلك. ومن المعروف أن الغش يقع من الطلبة كثيراً، ويندر وجود الغش من مدرس أو مدرّسة فهذا أمرٌ لا يجوز، فعلى كلّ من المدرس والمدرسة أن يعرف ما له وما عليه، وكذلك الطالب والطالبة كلٌ منهما يعرف ما له وما عليه فيطلب ما له ويتجنب ما عليه. وبالله التوفيق.
الفتوى رقم (5842) من المرسلة السابقة، تقول: ما حكم الغش بقصد مساعدة زميلاتي، وأنا لا أراه في نظري غشاً ولكن أراه مساعدة؛ لأن النبي ﷺ يقول: « من نفّس عن مؤمنٍ كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة »[1]، وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على مساعدة المؤمن لأخيه المؤمن وهذا من المساعدة، فما رأيكم جزاكم الله خيراً؟
الجواب:
من قواعد الشريعة أن الأسباب المشروعة تكون مسبباتها وهي النتائج المترتبة عليها مشروعة ولا يُخرج عن هذا الأصل إلا بدليل؛ وكذلك من قواعد الشريعة أن الأسباب الممنوعة لا يُرتب عليها مسبباتٌ مشروعة؛ فإذا كان السبب محرماً فلا يرتب عليه مصلحة ويُقال: إن هذا الأمر المترتب عليه مصلحة إلا بدليلٍ يدل على ذلك كما قال ﷺ: « الولد للفراش وللعاهر الحجر » هذا الولد مسببٌ عن سببٍ غير مشروع، والسبب الذي هو غير مشروعٍ هو الزِنا؛ فالنبي ﷺ منع ترتيب المسبب فيما يخص الزوج على السبب، ورتب مصلحةً على هذا السبب مع أنه غير مشروع؛ وذلك من أجل الحِفاظ على مصلحة الولد، وهذه أمور لا تُقال بالرأي.
وبناءً على ذلك فإن الغش سببٌ ولكنه سببٌ ممنوع، ولا فرق في الغش بين كونه في الأمور العلمية، أو الأمور المالية، أو غير ذلك من وجوه العلاقة فيما بين الناس، فقد وضع الرسول ﷺ قاعدةً عامةً في ذلك شملت الغش بجميع أصوله وفروعه ومُزاوله؛ فقال ﷺ: « من غشّنا فليس منا ». وما ذكرته السائلة من أن هذا من باب المُساعدة ومن باب الإحسان، فهذا مثل من يشرب الخمر ويقول: هذا ماء عنبٍ فيسمّي الخمر بماء العنب، وهي هنا تُسمّي ما حرمه الله بأنه من باب المساعدة؛ فالمقصود هو أنه لا يجوز الغش. وبالله التوفيق.
[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه (3/128)، رقم(2442)، ومسلم في صحيحه، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن(4/2074)، رقم(2699).